عرض مشاركة واحدة
قديم 12-23-2020, 01:00 PM   #4

افتراضي

طالما في القلب تكمن
نفس يهودية تتوق
وللأمام نمو الشرق
عين تنظر إلى صهيون
أملنا لم يضع بعد
أمل عمره ألفا سنة
أن نكون أمة حرة في بلادنا
بلاد صهيون وأورشليم القدس
وبعد صلاة الجمعة التي تلت ذلك اليوم.. كان "ماستيم" طائرًا شاهدًا لحدثٍ
رهيب أمام المسجد الأقصى.. جمهرة من المسلمين تصارعت من جمهرة
مماثلة من اليهود.. وتدخَّل الجيش البريطاني بين الجمهرتين.. وكان تدخُّله
إطلاق النار على المسلمين العزل الذين سالت دماؤهم في ساحة المسجد
الأقصى.. وتحول قناع "ماستيم" إلى منظر بشع مخيف.. وطار فوق الجميع طيرانا
يؤذن بكارثة.
قامت ثورة كبيرة كانت بداية لجميع أحداث العنف التي تلتها.. ثورة البراق..
حطم الفلسطينيون ست مستعمرات يهودية تدميرًا كاملًا.. وامتدت الثورة
كالسرطان إلى كافة المدن الفلسطينية بلا استثناء.. كانت الصحف العالمية
كلها تعرض خبر الفلسطينيين الجزارين الإرهابيين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم
في حق إخوانهم اليهود المسالمين.. تم اعتقال تسعمائة فلسطيني.. أعدم أهم
ثلاثة منهم.. واستمرت الثورة عامًا كاملًا.. وبعدها تم تخفيف الهجرة
اليهودية.. واعتبار حائط البراق ملكية إسلامية كاملة لا علاقة لليهود بها.

إن حائط البراق هذا هو ما يُدعى هذه الأيام حائط المبكى والذي يعتبر اليوم
ملكية يهودية خالصة لاعلاقة للمسلمين بها.. وهو الحائط الذي يحد المسجد
الأقصى من الجهة الغربية.. وهو الحائط الذي ربط النبي "محمد" فيه فرسه
البراق بحلقة قبل أن يدخل إلى المسجد ويصلي بالأنبياء قبل أن يُعرج به إلى
السماء.. أما اليهود فيعتبرونه الحائط الوحيد المتبقى من الهيكل.. ويبكون
عنده حسرة على خراب الهيكل.
كان يبدو أن الثورة قد هدأت نوعًا ما بعد أعمال القمع الأرهابية التي كان الجيش
البريطاني يجيدها ويحبها ويستمتع بها.. وكان "ماستيم" يحلق فوق مكان
عجيب.. مسجد من مساجد حيفا.. وكان يمكنك أن تسمع صوت الخطيب عاليًا
يدوي في القلوب:
- قال ربكم العظيم.. "ألا تقاتلون قومًا نكثوا إيمانهم وهمّوا بإخراج
الرسول وهم بدأوكم أول مرة.. أتخشونهم.. فالله أحق أن تخشوه
إن كنتم مؤمنين"
و أعاد الجملة الأخيرة ثلاث مرات.. كان صوته متهدجًا دافئًا متحمّسًا حزينًا
حقيقيًّا.. ثم قال لهم:
- يا أيها الناس، لقد علمتكم أمور دينكم حتى صار كل واحد منكم
عالمًا بها.. وعلمتكم أمور وطنكم حتى وجب عليكم الجهاد.. ألا هل
بلغت.. اللهم فاشهد.. فإلى الجهاد أيها المسلمون.
ضج المسجد بالبكاء والتأثر.. كان هذا هو "عز الدين القسام".. أزهري من أهل
سوريا قاد الناس في بلده سوريا ضد الاحتلال الفرنسي.. ثم سافر إلى فلسطين
ليقود الناس ضد الاحتلال البريطاني.. بعد ساعة من تلك الخطبة بدأت السلطة
تبحث عنه بحثها عن الإرهابيين.. لكنه في تلك اللحظة كان قد حمل بندقيته
وذهب إلى الجبال.. طار "ماستيم" فوق تلك الجبال ليشاهد "عز الدين القسام"

ومعه نفر من أصحابه يقاتلون الجنود الإنجليز الذين كشفوا مخبأهم في الجبال..
كان هناك رجال من الشرطة العربية يقفون في جانب الانجليز.. صاح قائدهم :
- أنت محاصر يا "عز الدين".. عليك أن تستسلم فلا قِبَل لك بهم.. القبل
لك بالإنجليز
رد عليه "عز الدين" :
- بل نحن في مقام لم تعرفه بعد.. نحن في مقام الجهاد.. ومن خرج
في هذا المقام لا يصح أن يستسلم إلا لله.
كان "ماستيم" يتابع تبادل إطلاق النار في شغف بين الجانبين في الجبال.. لكنه بدأ
يتململ.. طالت المعركة لأكثر من ساعتين.. وفجأة غزت الجو طائرات إنجليزية..
طائرات قصفت جانب المجاهدين بقذائف إنجليزية خرجت لها أرواح المجاهدين
كلهم.. وخرجت لها روح "عز الدين القسام".. الرجل الذي أشعل لموته ثورة
أكبر من ثورة البراق.. ثورة فلسطين الكبرى.. وبدأ قناع "ماستيم" المرعب
يتشقق بطريقة عجيبة.. وتخرج من بين تشققاته أدخنة سوداء.
لم تكن ثورة فقط.. بل كانت ثورة وإضرابًا.. وربما تكون تلك أشد ثورة في
تاريخ فلسطين.. ثورة قمعتها القوات الإنجليزية بكل الطرق حتى وصلت إلى
قصف المنازل وتفجيرها لاشتباه وجود ثوار فيها.. استمرت الثورة ثلاث سنوات
كاملة نُفذت فيها حوالي عشرة آلاف عملية فدائية.. بمعدل تسع عمليات فدائية
في اليوم.. وأصبحت التشققات في قناع "ماستيم" تتزايد.. كان يطير فوق أحد
المساجد أثناء صلاة العيد.. وفور انتهائها وخروج الناس إذ هجمت عليهم
القوات الإنجليزية واعتقلت نفرًا كثيرًا منهم.. تابعهم "ماستيم" حتى انتهى
الإنجليز بهم إلى أماكن مغلقة يسمونها Camps Concentration ..
وضعوهم بداخلها وأغلقوها عليهم لثلاثة أيام متواصلة.. كان "ماستيم"
يشاهدهم وهم يبولون على أنفسهم لعدم وجود مكان يبولون فيه.. ويتلوى

بعضهم على الأرض من الجوع والعطش.. ويبكون حالهم وذُلّهم وقهرهم..
وملامح وجه "ماستيم" تبرز أعتى معاني الشماتة والكراهية.
شعر "ماستيم" بأن أجواء العالم كله تهتز بعنف.. تذكر اهتزازا كهذا منذ مدة
ليست بعيدة.. لكن الاهتزاز هذه المرة كان عنيفًا جدًّا.. الحرب العالمية الثانية..
لازال الحلفاء حلفاء.. بريطانيا وفرنسا وروسيا.. لكن انضمت لهم أمريكا هذه
المرة.. المعسكر الثاني ألمانيا.. وانضمت لها اليابان.. كانت أكبر معركة في
تاريخ الارض.. معركة مات فيها 50 مليون إنسان.. ما أهم"ماستيم" في تلك
الحرب هو أنه نزحت من ألمانيا وأوروبا دفعات هائلة جدًّا من اليهود.. دفعات
توجهت كلها ناحية فلسطين.. دفعات ادعت أنها هاربة من طغيان "هتلر" الذي
يقيم المذابح والمحارق لإبادة اليهود عن وجه الأرض كلها.. وتدفقت هذه
الدفعات على سفن هائلة الحجم لترسو على موانىء فلسطين.. ودخل هؤلاء
متوقعين أن يحظى كل واحد منهم بمسكن ومأكل ومشرب.. وإن توقعاتهم
كلها كانت صحيحة.. صحيحة جدًّا.
قبل الحرب العالمية الثانية كانت الهيئة التي تجتمع فيها جميع الدول تدعى
"عصبة الأمم".. وهي الهيئة التي أعطت إلى بريطانيا صك الأنتداب لدخول
فلسطين واحتلالها.. وبعد الحرب العالمية الثانية صار اسمها "الأمم المتحدة"..
وقررت الأمم المتحدة حتى تحل أزمة ثورة فلسطين هذه أن تكون فلسطين
تحت حُكم الأمم المتحدة.. فلا هي لليهود ولا هي للعرب.. ضج اليهود وثاروا
في وجه الأمم المتحدة فتراجعت عن قرارها إلى التفكير في قرار آخر.. أن
تقسم فلسطين إلى دولتين.. واحدة عربية والأخرى يهودية.. وأن تُعجل بعد تنفيذ
هذا القرار بإخراج البريطانيين من فلسطين.
في تلك الأثناء كان اليهود لديهم فرق عسكرية كثيرة.. كان لديهم فرقة
الإيرجون.. وفرقة الشتيرن.. وفرقة الهاجانا.. وفرقة البلاماخ.. كلها فرق
عسكرية مسلحة تسليحًا ثقيلًا جدًّا ومدربة تدريبًا عاليًا جدًّا.. ورغم أن هذه الفرق






التعديل الأخير تم بواسطة ملكة جروح ; 12-23-2020 الساعة 03:00 PM
  رد مع اقتباس