الموضوع: أزمة أخلاق
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2024, 02:23 PM   #1


أخلاق عاطفية

مما لا يُعجبُني من الأخلاقِ اتِّخاذُ المواقفِ بحسبِ العواطف؛ يُحبُّ فلانٌ فلانًا فينبري للدفاعِ عنه من أصغرِ مأخذٍ أو خطإٍ بشريٍّ ويودُّ لو أن ذبَّ عنه الذبابةَ تحومُ حولَه، ثمَّ إذا هو كرهَه أسقطَه وخاضَ في سيرتِه مع الخائضين وتتبَّعَ زلَّاتِه وعثراتِه، وأضحى المَلَكُ الذي كان يُنافحُ بالأمسِ عنه شيطانًا وإذا صاحبُه القديمُ الذي كانَ يتغنَّى بجناحاتِه يقولُ اليوم: هلَّا رأيتم قرونَه!

لا أُحبُّ أن يكونَ الإنسانُ كالحرباءِ يُغيِّرُ لونَه بتغيُّرِ الظرفِ الذي هو فيه ويتغيَّرُ رأيُه بتغيُّرِ وُدِّه، بل الأصلُ أن يكونَ رأيُكَ في الناسِ
-إن لزمَ أن يكونَ لكَ فيهم رأيٌ- نابعًا عن بصيرةٍ لا عن مشاعر،
وأن تُمسكَ عن المدحِ والذمِّ على حدٍّ سواء إذا لم تتوفَّر لك تلك البصيرة،
وأن تعزلَ رأيَكَ عن حبِّك وكرهك،
ورحمَ اللهُ أقوامًا كرهوا من أقوامٍ ثمَّ خيضَ أمامَهم فيهم
فأمسكوا إذا لم يسعْهم ذكرُ محاسنِهم التي كانوا يعرفونها.

إذا أردتم أن تقيسوا مروءةَ قومٍ فانظروا إليهم إذا كرهوا،
وإذا أردتم قياسَ رعونتِهم وتذبذبِهم وانبعاثِهم في مواقفِهم من عواطفِهم
فانظروا في سرعةِ تغيُّرِ آرائهم فيمَن حولَهم؛
يكادُ الواحدُ منهم يُغيِّرُ رأيَه كما يُغيِّرُ ثوبَه!





  رد مع اقتباس