عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2021, 05:26 PM   #41

افتراضي


الشعوب.. و شبكات الإعلام تستعبد العقول.. مبانيهم جميعا عالية.. أعلى من كل
ما حولها.. في رسالة أنه لا أحد أعظم منا في هذا البلد.. هناك شاشات ضخمة
موضوعة على المباني.. تعرض الأخبار و الإعلانات التجارية.. وهناك تجمع من
الناس يتابعون إحدى الشاشات.. نظرت إلى الشاشة..
المخابرات الأمريكية كشفت أن صدام يريد نقل ستين ألف أنبوبة ألومينيوم..
هذه الأنابيب تستخدم في صناعة اليورانيوم.. إن صدام يريد أن يبيد أمريكا.
حولت نظرك عن هذه الشاشة.. هذه الأخبار لا تصدق.. ما هذا الهراء؟
قابلك تجمع آخر من الناس حول شاشة أخرى.. نظرت..
أبلغت المخابرات الإيطالية المخابرات الأمريكية
بأن لديهم عقدا مكتوبا بين
صدام وبين النيجر في أفريقيا لشراء خمسمائة طن من "الكعكة الصفراء".. و هو
شكل من أشكال اليورانيوم.. صدام سيبيدنا.
لأن ينتهوا أبدا من هذا.. أخرجت جهازك السمارت فون و بدأت تبحث عن
هذه الأخبار التي سمعتها منذ قليل.. استغرقت في البحث قرابة عشر دقائق.. يا
للأفاعي! لقد تم إرسال هذه الأنابيب للفحص الرسمي.. وخرج الفحص بنتيجة أن
هذه الأنابيب لا تصلح للإستخدام في صناعة أي يورانيوم و لا تصلح لصناعة أي
شيء قريب منه.. لكن الإعلام و المخابرات تجاهلوا هذا التقرير
تماما و ظلوا على موقفهم أن الأنابيب هي لصناعة اليورانيوم.. ثم أعلنها بوش في الأمم المتحدة..
قال إن العراق كان يحاول شراء أنابيب لصناعة اليورانيوم.
العقد الذي بين العراق و بين النيجر لشراء الكعكة الصفراء تبين أنه عقد
مزور ومن زوره اعترف بذلك..
إلا أن الإعلام طبعا لن يقول لك هذا.. إنه يقول
لك ما يريدك أن تصدقه.. و هو يعلم تمام العلم أنك ستصدقه.. لأنك إمعة.. لا
يجب أن يستمر هذا.. لا بد أن نوقف هذا.. لا بد أن نوقظ هؤلاء الناس.. لا بد
أن نرحمهم من هذه الشاشات.. بدا و كأن الشاشات استمعت إلى حبل أفكارك...
فوجدتها قد عل صوتها كلها فجأة..
القاعدة.. صدام.. الإرهابيون.. تفجيرات سبتمبر.. العراق.. يجب أن ننتقم..
احذروا من صدام.. الـ...

أشحت بوجهك بعيدا عن هذا الهراء.. نظرت إلى وجوه الناس لترى تأثير هذا
عليهم.. إنهم يشاهدون هذا باهتمام.. هناك ملامح عامة مطبوعة على وجوههم
كلهم.. هذه الملامح ليست طبيعية.. إنها تبدو و كأنها.. اقتربت أكثرمن الناس لترى
بوضوح.. إن ملامحهم فيها جمود ذاهل.. و عيونهم سارحة مثل عيون المنومين


مغناطيسيا.. إنهم يتلقون ما يتلقونه من الشاشات و يمضون إلى طريقهم بهذه
الملامح الجامدة و العيون الناظرة إلى اللامكان.. يمشون كلهم في الشوارع مثل
الروبوتات..

كل يؤدي ما يؤديه.
بعضهم يتحدث مع رفقائه بحماس و ينظر إلى الشاشة.. إنه يردد على
مسامعهم ما تقو له هذه الشاشات.. فتحولت ملامح من يحدثهم إلى ملامح جامدة
ذاهلة هي الأخرى و صاروا يمشون وراءه.. الأخبار السامة هي مثل فيروس نفسي
ينتشر من تلك الشاشات إلى جميع الساكنين في هذه المدينة.. لقد ظننت أنها
الحرية.. ظننت أنها مدينة حرة جميلة.. لكن انظر حولك إلى الناس الأحرار..
جامدين ذاهلين يرددون ما يسمعون ببلاهة آلية.. أي حرية هذه بالضبط؟!
صورة ابن الشيخ الليبي تغمر الشاشات.. الناس ينظرون في جمود.. و ينقلون
ما يسمعونه في جمود.. ثم يمشون في جمود.. أيها الجامدون أفيقوا.. إن دولتكم
هذه تجهز لغزو دولة بريئة بعد أيام لتقتل فيها من تقتل و تفجر فيها من تفجر..
أليس لكم أي رأي أو صوت؟ أيها الجامدون الحمقى.. إن الليبي هذا قد زيف
قصة خيالية نبتت في عقله هو وحده.. و ما أنبتها هو الألم الشديد الذي ألحقوه
به.. ما بالكم ألا تبحثون؟ ألا يقرأ أحدكم أي شيء؟ ألا يتأكد أحدكم من أي
شيء قبل أن يحدث به زميله؟
لم تعد تحتمل أكثر.. لا بد أن تقول الحقيقة لهؤلاء الناس.. لا ينبغي أن
ّ تتركهم هكذا في عمائهم..
ولم تضيع المزيد من الوقت.. تحركت ناحية مجموعة
من الرجال يرتدون البدلات و يتحدثون في أمرما.. قلت لهم ما قلته و أنت تشير إلى
التلفزيون.. وبدأت تقنعهم.. نظروا إليك بعيون ساخرة مشفقة على حالك.. ثم
أعرضوا عنك..
صرخت شاتما إياهم.. ثم انتقلت إلى غيرهم.. أيها الناس لا تظنوا
أن هذا الرجل الليبي يتحدث بالحقيقة.. لقد عذبوا هذا الرجل.. وصفقة النيجر
الحمقاء هذه مزيفة.. أفيقوا.
بدأ هؤلاء يجادلونك و يدافعون عما سمعوه.. هل أنت مجنون؟ كل هذه
أنت لست وطنيا.. إن دولتنا في حرب الآن الأدلة و ما زلت تدافع عن العراق؟
و أنت تدافع عن الإرهابيين.. لا بد أن تدعم جيش بلدك.
إن هؤلاء مغسولة أدمغتهم كليا.. لكنك لم تستسلم.. أخرجت لهم السمارت
فون و أخبرتهم أن هذا كذب بسبب كذا و كذا.. و هذا كذب بسبب كذا.. كان
بعضهم قد بدأ يسمع لك و البعض الآخر هزئ بك.. أنت أيها الاشيء تعرف أمورا
مثل هذه و الدولة ورجال الدولة والإعلام كلهم يكذبون؟





  رد مع اقتباس