عرض مشاركة واحدة
قديم 02-21-2021, 11:49 PM   #45

افتراضي

الحديث.. ولكنها مجرد سويعات قليلة يا فرانك.. تلعب فيها معنا لعبتك
السخيفة.. ثم سنحولك إلى عبرة تتناقلها الكتب.
فليكن.. من المفترض الآن أن أحدثك بالحقيقة.. حقيقة أشياء لا ينبغي على
أمثالك أن يسمعوها هكذا ببساطة..
أسرار ربما تجعلك تخرج أخيرا من حوض
السمك الذي تعيش فيه.. لو سألت السمكة ما آخر شيء تلاحظين أنه موجود في
بيئتك؟ ستقول لك الماء.. الشيء يصبح غير ملحوظ لمن يعتاد عليه.. وأنت أيها
البشري تعيش في شيء يحيط بك طيلة الوقت.. و تلتقي عيناك به كثيرا جدا..
لكنك لا تلحظ ما يفعله بك.. وإذا سمعتني اليوم ستلحظ.. وستفهم.. و لن أقدر
على خداعك مرة أخرى.. لأن قوة هذا الشيء تكمن في عدم شعورك به.. وفور أن
تلحظه وتعرف كيف يعمل لا يعود له أي تأثير عليك.

تخيل أن رجل يدعى زيد يعيش في الجاهلية.. خرج زيد من بيته فأتاه رجل بنبأ
مثير.. يا زيد ألم تعلم؟ لقد زنا فلان.

لكن فلانا هذا رجل صالح.. غضب زيد على الرجل وحذره من أن يعود لمثل
هذا الحديث عن الصالحين.. ثم مضى زيد إلى وسط المدينة.. فأصبح كل رجل

يقابل زيدا يقول له: ألم تعلم؟ إن فلانا قد زنا. أصبح كل من في المدينة يقول
هذا.. ساعتها سيصدق زيد.. وسيقول: اللعنة على فلان هذا الذي كان يدعي
الصلح أمامنا طيلة الوقت. هذه هي البروباجاندا في أبسط صورها.. أن تسمع
نفس الخبر من مصادر كثيرة..
والعقل الباطن يتخذ لا إراديا وضعية التصديق
ناحية أي بروباجاندا.. طالما أن الكل يتحدث بالأمر.. فلا بد أنه قد حدث.

لم يز ن.. ولم يره أحد يزني.. لكن البروباجاندا بدأت من عند المشكلة أن فلان

رجل واحد حكى حكاية أمام مجموعة من الناس عن أن فلانا قد زنا.. فذهب كل
منهم يحدث بالأمر.
لكننا لم نعد في الجاهلية.. ولم نعد نعيش في قرى صغيرة.. في السابق كانت
البروباجاندا تنتقل عبر الألسنة من واحد إلى اثنين أو ثلاثة أو عشرة.. أما الأن
فقد خرج للبروباجاندا قرون استشعار.. و صار لها أقمار تدور حول كوكب
الأرض.. وصار لها في كل بيت نافذة.. و بمجرد أن تفتح تلك النافذة سترى فيها

رجالا يتحدثون و يخبرونك بأمور أنها حدثت.. رجال يدخلون إلى غرفة معيشتك
وغرفة نومك.. رجال كثيرون.. يرتدون بدلات أنيقة و يصففون شعورهم وينظرون
في عينك مباشرة كل يوم و يخبرونك بما يريدون.

لو رفعت عينك عن هذه السطور و نظرت حولك الآن.. قد ترى هذه النافذة..
التيلي.. أو التيوب.. أو الشاشة.. أوالتلفزيون.. بأي اسم تطلقه عليها حسب المكان
الذي تعيش فيه.
الآن امسك جهاز التحكم.. وافتح التلفزيون.. وشاهد ما يعرض على الشاشة.
بعد دقيقة واحدة من مشاهدة التلفزيون يتوقف الجزء الأعلى من الدماغ
عن العمل وهو الجزء المسؤول عن التفكير.. و يعمل الجزء الأسفل وهو الجزء
المسؤول عن التلقي.. هذه الحالة تدعى State Alpha ..جرب أن تفكر في شيء ما

جديا و أنت تشاهد التلفزيون.. ستجد صعوبة في فعل ذلك حتى وأنت واع تحاول فعله.
هذه مجرد بيانات عادية بديهية لأي مطلع في علم الأعصاب.. لاحظ أن الأطفال يسكتون عندما تشغله لهم و تتركه.. لأن أدمغتهم تتحول إلى وضع التلقي..
و الآن لو أغلقنا التلفزيون سيعود العقل إلى الحالة العادية المفكرة State Beta ..

ويصبح قادرا على التفكير في أي شيء.. هذه هي قوة هذا الجهاز الساكن الموضوع
بأناقة في غرفة معيشتك.. إنه جهاز يمرر البروباجاندا إلى عقول هيأها للتلقي بلا أي تفكير.
لكن تذكر ما قلته لك.. هذا الشيء الساكن يصير بلا تأثير فور أن تنتبه له
و تعرف طريقة عمله.
دعني أحدثك بالسر الأول..

هناك ترس مهم جدا لا تعمل أي آلة بروباجاندا
إلا به.. هذا الترس هو التكرار.. تكرار سماعك للخبر من أكثر من شخص.. به
تعمل البروباجاندا.. لكن لو سمعت خبرا واحدا في التلفزيون من شخص واحد..

فعقلك الباطن سيتعامل معه مثلما تعامل زيد مع أول شخص قال له أن فلانا
قد زنى..

لن يهتم كثيرا.. لكن لو تكرر الخبر في كثير من القنوات.. و قاله كثير من
الرجال.. فعقلك الباطن سيعتبره حقيقة.
تكرار الشيء يجعلك تصدقه.. حتى و إن كان هذا الشيء ضد مسلماتك.. أريد
أن أقنعك أن 2 + 2 تساوي 5 ...ماذا أفعل؟ ربما آتي بستيفن هوكنج وأجعله
يتحدث بطريقته العلمية و يحدثك عن الرياضيات الجديدة التي يمكن أن تجعل
2 + 2 تساوي 5 ..ثم آتيك بفائز بجائزة نوبل وهو يقول: نعم هناك حالات يمكن
أن تكون فيها 2 + 2 تساوي 5 ...ثم متحدث آخر.. ثم آخر.. و أكرر هذا حتى تبدأ
أنت في التصديق.. و تقول..
نعم ربما أصل 2 + 2 تساوي 5 ..من الذي قال لنا أنها 4 أصلا !





  رد مع اقتباس