عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-2020, 07:08 PM   #17

افتراضي

"إنما يسوع الناصري ابن زنا.. وإنما حملت فيه أمه وهي حائض سفاحًا من
العسكري بإنذار.. وإنما يسوع الناصري كذَّاب ومجنون ومضلل وساحر ومشعوذ
ووثني ومخبول.. واعلموا أنما الراهبات المسيحيات مومسات.. وأن القساوسة
الرهبان المسيحيين مخنثون.. وأن الكنائس إنما هي بيوت دعارة"
"أيها اليهود.. لمّا يناكح الرجل البالغ طفلة صغيرة فلا شيء في ذلك.. ولو كان
عمرها ثلاث سنوات.. الأمر كأنك تضع إصبعًا في عين.. وأن تناكح ولدًا صغيرًا
فهذا لا يعتبر عملًا جنسيًّا فاحشًا تخشاه"
لم أدرِ أن سُمّي في قلوب هؤلاء القوم قد وجد سكنًا أعجبه.. لقد تعدوا ما أردت
لهم أن يكونوه.. لقد أفسدوا دينهم تمامًا.. سأعترف أن بني إسرائيل قد
أبهروني.. لقد وعدهم ربهم في التوراة الأصلية بأن مُلكَهم سيعود لهم مرة
أخرى بعد أن يُطردوا من بلادهم.. وأنه لما يعيد لهم مُلكهم سيُرسل لهم نبيًّا
يُعرَف بالمسيح.. يحكم العالم بالعدل.. من عرش النبي "داوود".. ولما حقق الله
لهم وعده وانهزمت بابل وأعادهم الله إلى أرضهم في فلسطين.. وجددوا
المسجد الأقصى الذي بناه أبو البشر "آدم" وصلى فيه "إبراهيم" و"إسحق"
و"يعقوب".. ثم جدده "سليمان".. والآن جددوه بأنفسهم وصار اسمه عندهم
الهيكل.. هيكل سليمان.. ولما جددوه وصلت إثارتهم إلى ذروتها وانتظروا
نزول المسيح الموعود على أحرِّ من الجمر.. والذي سيحكم العالم من عرش
"داوود" في الهيكل.
ولما خرج فيهم المسيح "عيسى" بن مريم.. رفضوه.. وقالوا إنه ابن زنا.. ولما
رأوه يموت على الصليب أمام أعينهم .. ثاروا.. وقالوا إن هذا إلا محتال.. فقد
مات ولم يحكم العالم من عرش "داوود" كما قالت النبوءة.. لم يدرِ أحدهم أن
النبي "عيسى" الذي أُرسِلَ إليهم كان المسيح الحقيقي الذي قالت عنه نبوءة
التوراة.. لم يدرِ أحدهم أنه لم يكن ابن زنا بل كان نبيًّا.. ولم يدرِ أحدهم أنه لم
يمت على الصليب كما رأوا وإنما رفعه الله إليه.. وأنه سيعود في نهاية الزمان

ويحقق نبوءة التوراة ويحكم العالم بالعدل من عرش "داوود" في فلسطين.. لم
يدرِ أيٌّ منهم هذا.. لقد تملكهم التلمود حتى صاروا يتنفسونه.
قالوا إن من يؤمن بالتوراة ولا يؤمن بالتلمود فليس مؤمنًا؛ فالتلمود هو أشد
قدسية من التوراة.. لأنه يحمل الأسرار الشفهية التي هي أقوى من التوراة
المكتوبة.. لم يدرِ أحدهم أنه لم تكن هناك أسرار.. إنما هي نفثات شيطان..
شيطان ثعبان زحف على بالدهم وأكل حتى شبع ثم واصل الزحف بحثًا عن قرية
أخرى.. وقلوب أخرى.. وكنت أنا هذا الثعبان.
وبعد سنوات من وفاة النبي "عيسى" بن مريم.. عدت أزحف بسمومي إلى
أورشليم.. كان أتباع "عيسى" الحواريون يتولون نشر الإنجيل التي ينادي بالحب
والمساواة بين الناس ويوافق التوراة اليهودية التي نزل بها "موسى" وأصبح
"عيسى" يبشر بنبيٍّ يأتي في نهاية الزمان اسمه "محمد".. أصبح إنجيل "عيسى"
يعارض كل سمومي التي نفثتها في تلمود اليهود.. لذا نفثت سمومًا جديدة..
فبمثل ما نفثت في قلوب أهل التوراة سمومًا نفثت في قلوب أهل الإنجيل
سمومًا.
فجأة دخل على الحواريين رجلٌ فزعوا لرؤيته فزعًا عظيمًا.. "شاول".. رجل
يهودي قوي مكلَّف من قِبَل أكابر اليهود باعتقال الحواريين أحياء أو ميتين
باعتبارهم كفار باليهودية التلمودية.. رجل مُرسَل من جمعية يهودية أُنشِئَت
خصيصًا لقتل أتباع المسيح الحواريين ودفن المسيحية.. جمعية تدعى القوة
الخفية.. جمعية يهودية يرعاها ملوك الرومان.. تحفز الحواريون لمَّا رأوا
"شاول".. لكن أعينهم اتسعت عندما قال لهم اليهودي فجأة :
- إني كنت لكم كارهًا.. عليكم مسلَّطًا.. لم تكن رؤسكم المقطوعة
لتشفي غليلي فيكم.. لكن نورًا عظيمًا من السماء الح لي أثناء سيري
الحثيث إليكم.. نور خرَّ جسدي من عظمته على الأرض صعقا.. وأتاني
هاتف بصوت بدا كـأنه ملأ أرجاء الأرض يقول لي "لماذا تؤذي أتباعي

يا شاول؟" "قم وادخل دمشقًا فهناك يقال لك عمَّا يجب أن تفعل"..
لقد كان النور الذي أتاني هو "عيسى".. وإني أتيت لكم اليوم مؤمنًا بـ
"عيسى" ولست كافرًا.. جئتكم ناصرًا ولست قاتلًا.
ظلَّ الحواريون على فزعتهم الأولى من "شاول".. فهو كان في الحقيقة أكثر
من طالهم بالأذية.. لكن "برنابا" توسط له عندهم.. فبدأوا يستمعون له.. وبدأ
السُّم الزعاف يملأ كأس النصرانية حتى فاض السم خارج الكأس المملوءة.. ثم
سال السم من كثرته على الأرض.. وضيقت عينيَّ المشقوقتين في تشفٍّ..
واستمعت معهم لأحاديث "شاول" الذي أصبح اسمه القديس "بولس" وأصبح
رسميًا قادرًا على تلقي الوحي من المسيح "عيسى" وقادرًا على التشريع. .
كان الله واحدًا لا إله إلا هو في عقيدة المسيح "عيسى".. فأصبحوا ثلاثة آلهة
في عقيدة "بولس". . الله و"عيسى" والروح القدس..
كان الله ليس كمثله شيء في عقيدة المسيح.. فأصبح الله في عقيدة "شاول"
أبا والمسيح "عيسى" هو ابنه..
كانت هناك شريعة الله شرَّعها في التوراة اسمها الناموس.. شريعة تحرِّم
الخمر ولحم الخنزير والميتة وتفرض الصلاة والصيام.. فأصبحت المحظورات
كلها في عقيدة "بولس" مباحة.. ولا توجد واجبات.. لا يلزم المرء عند "بولس"
صلاة أو صيامًا أو أي تكليف.. لايلزمه سوى الإيمان وحده.. الإيمان بالله.. وابن
الله. والروح القدس.. الثالوث الشهير.
أنكر بعض الحواريين على "بولس" ما يقول بينما صدَّقه البعض الآخر.. لكن
أغلبهم خالفوه في إلغائه شريعة التوراة.. وانقسمت المسيحية إلى طوائف
عديدة بينها اختلاف شديد جدًّا لمدة ثلاثة قرون كاملة.. خلال هذه القرون كنت
كلما أفتح الإنجيل لأقرأه أجد كلامًا عجيبًا..
لوط" النبي كانت له ابنتان.. وكانت هاتان البنتان تسقيانه خمرًا وتتكشفان له
وتغريانه حتى عاشرهما وأنجب منهما أولاد زنا.
أحد أبناء "يعقوب" واسمه "روبن".. كان يمارس الجنس مع أمه على سطح
المنزل.
"يهوذا" أبو العرق اليهودي كان معجبًا بزوجة ابنه.. فحاصرها مرة على جانب
الطريق وعاشرها وأنجب منها أولاد زنا.
زنا محارم صريح في الإنجيل.. الحقيقة بالطبع أن هذا لم يكن الإنجيل وإنما كان
ما كتبه هؤلاء بالسم الذي زرعته في قلوبهم وفي أقلامهم.
جاء بعدها الإمبراطورعابد الآلهة الرومانية الوثني قسطنطين وجمع أكابر
الطوائف المسيحية كلها في مجمع واحد.. مجمع نيقية.. وحتى يزيل االختالف
فيما بينهم أجرى تصويتًا على ألوهية المسيح.. وصوتت كل طائفة بصوتها..
وانتهى الاجتماع بقرارٍ رسميّ باعتبار المسيح إلهًا مع اهلل وأنه ابن اهلل.. كان هذا
كافيًا جدًّا.. إن مفعول السم قد أصاب قلوبًا كانت بالله مؤمنة موحِّدة منزَّهَة..
فأصبحت من بعد السم بالله مشركة.. بل وألغت شريعة الله بأكملها بحلالها
وحرامها.. هل رأيتم سُمًّا بهذه الفاعلية من قبل؟
الرسول المسيح "عيسى" يصير فجأة ابنًا لله وإلهًا معه أيضًا وناموسه يصير
لاغيًا.. وكل هذا يُبنى على شخص يهودي غريب لم يرَ المسيح في حياته.. رجل
كان يالحق الحواريين لقتلهم يأتي ويزعم بين ليلة وضحاها أنه رأى نورًا ينزل
عليه من السماء.. وأن هذا النور هو "عيسى".. وأنه ليس نبيًا بل هو إله.. وهو
ابن الله أيضًا.. وزِنا محارم في كتاب اهلل اإلنجيل يرتكبه أنبياء الله وأولادهم..
وشخص روماني وثني يجعل الناس تصوِّت على ألوهية المسيح.. فيصوّتون
عليها وكأنهم في انتخابات.. لم يكن العيب في عقول الرجال.. بل كان في
قلوبهم.

هكذا أُفسِدَت كل الشرائع التي أنزلها الله إلى الناس فسادًا تامًا كاملًا.. وعُدت
إلى خريطة العالم.. عدت أزحف بحثًا عن قلوب أخرى.. وقد وجدت ضالتي بعد
حوالي ثلاثمئة سنة من انعقاد مجمع نيقية.. فجأة سمعنا نحن الشياطين من نبأ
السماء أمرًا عجبًا.. كل أحاديث الملائكة التي نسترق منها السمع كانت تتحدث
عن حدث عظيم يوشك أن ينزل بأهل الأرض.. حدث سيقلب كل شيء رأسًا على
عقب.. كنت أتوقع حدوث ذلك الحدث وأنتظره.. بل ننتظره جميعًا. . كانت األرض
تستعد لأن تشهد والدته.. والدة محمد.
وإني قد رأيت من أمر هذا الرجل مالم أرَه في حياتي الممدودة كلها.. قبل حوالي
شهرين من ولادته حدث أمر أسطوري لم أشهد مثله منذ قرون.. رأينا سماء
مكة قد مُلْئْت بالطير حتى لم نعد ترى شيئًا من السماء.. كانت نوعًا من الطير لم
يُرَ مثله من قبل.. طير بحجم النسر طويل العنق أقدامه حُمر.. سمَّاه العرب
العنقاء.. مُلِئْت السماء بالعنقاء في مشهدٍ مهيبٍ وكل طير منها يحمل في
منقاره حجرًا وفي أقدامه حجرًا.. وكانت أرض مكة ممتلئة بجيش أتى من اليمن
على أفيال عظيمة يريدون هدم الكعبة.. كان مشهدًا أسطوريًّا رهيبًا وجنود
الجيش ينظرون إلى السماء في رعبٍ وتوترت الأفيال.. ولم يدرون إلا والطير قد
رمت عليهم الحجارة التي كانت تحملها.. حصيا صغيرة كانت.. لكنها مست
أجساد القوم فهلك منهم من هلك من فوره.. ومن بقي منهم تساقط جلده
وأعضاؤه عضوًا عضوًا حتى صار كالفرخ المذبوح.
هرعنا إلى السماء نبغي سماع الخبر كما اعتدنا أن نفعل منذ الأزل.. لكن شيئًا ما
في السماوات لم يعد كما كان.. نظر بعضنا إلى بعض في استغرابٍ وواصلنا
الصعود.. وفجأة رأينا أجرامًا من السماء تسقط على رؤوسنا.. ولينا أدبارنا هربًا
لكن تلك الأجرام أصابتنا فأحرقتنا ونزلنا إلى الأرض محرًقة أجسادنا وقلوبنا.. يبدو
أن وقت سطوة الشياطين قد انقضى زمانه.. وقد بدأ زمن إلهي جديد.. زمن
"محمد".

اهتزت أرض مكة فسقط الثلاثمئة وستون صنمًا المثبتون بالمسامير حول
الكعبة على رؤوسهم. . وانطفأت نار فارس التي كانت تُعبد وهي النار التي كان
يتناوب على إذكائها الكُهان منذ ألف عامٍ فلم تنطفىء إلا اليوم.. وهرعنا نحن
الشياطين إلى بيت أمه لنشهد والدته.. وهناك رأينا أمرًا لم نصدقه في الوهلة
الأولى؛ مريم ابنة عمران.. وآسيا آمرة فرعون ونساء أخريات لم نرَ في مثل
حسنهن والكل يقف حول آمنة أم "محمد" ليشهد ولادة "محمد".. ياللعجب كيف
أتين إلى هنا.. ولمّا خرج انتظرنا نغزة الشيطان له ليبكي لكن الشيطان لم يأتِ..
وخرج الطفل محمد ولم يبكِ.. قال لنا الشيطان بعدها إنه لم يجرؤ على الأقتراب..
نظر بعضنا إلى بعض في حيرة.. إن لكل ما مضى من الزمان شأن.. ولزمان هذا
الرجل شأن آخر.. اعتصرت أكثر أنواع سمومي فتكًا.. وزحفت بجسدي كله الذي
طال مع الزمن طولًا عظيمًا ونزلت مكة.. وعرفت أنني سأبقى فيها طويلًا.
مرت السنين وبُعِثَ "محمد" نبيًّا.. أبطل هذا الرجل كل سم زرعته في تاريخ
الأرض.. حكى الحقيقة المجردة وحدها.. حكى أن "إبراهيم" و"موسى"
و"عيسى" إنما كانوا يدعون كلهم إلى دينٍ واحدٍ.. وأن اليهود تركوا كتاب
التوراة وأخذوا بكتاب من وحي خيالهم.. وأن النصارى حوَّلت المسيح من رسول
الله إلى ابن وإله لكن الله إله واحد لم يلد ولم يولد.. وقال إن النصارى كتبوا في
إنجيل عيسى كل ما طاب لهم من الكذب.. وأن عيسى لم يمت وإنما رفعه الله
إليه.. وأنه عائد في نهاية الزمان ليحقق نبوءة التوراة ويحكم العالم كله بدِين
"إبراهيم" و"موسى" و"محمد".. دين الله الذي ليس له ثانٍ.. وأعاد الناموس
والشريعة التي أسقطها النصارى.. وبرأ "سليمان" من تهمة السحر التي كان
اليهود يرمونه بها وقال إنه كان نبيًّا مُرسلًا امتلك الإنس والجن والطير والدواب
بمعجزة من الله وليس بالسحر.. ورغم أن دولة "محمد" لم تكن تتجاوز الجزيرة
العربية فقط.. إلا أنه صنع فيها رجالًا من ورائه إيمانهم قوي كالصخر ثابت
كالجبال.. رجال على أتم استعداد لفتح العالم كله.. رجال لا يقدر عليهم

شيطان.. بل إن الشياطين تهرب منهم.. لم تكن هناك طريقة لهزيمة هؤلاء
إلا قتلهم المباشر.. وأولهم النبي "محمد".
زحفت ناحية المدينة.. وتحديدًا إلى مساكن اليهود فيها.. ثم خرجت منها بعد
أن أودعت في قلوبهم ما أودعت.. وفجأة أهدت واحدة من هؤلاء اليهود شاة
مذبوحة مشوية إلى النبي "محمد" وأصحابه.. وسألَتْ هذه المرأة شيوخ اليهود
عن أشد سم زعاف من سمومهم فتكًا.. فسموا لها واحدًا بعينه فأودعَته في
الشاة.. وسألت عن أي جزء يحب النبي "محمد" أن يأكل فقيل لها الذراع.. فزادت
في ذراع الشاة أضعاف ما وضعت في جسدها من السم.. وكان "محمد" يقبل
الهدية فقبلها وجلس وأصحابه حول الشاة.. وتحفزت عيناي المشقوقة.. وأخذ
النبي "محمد" الذراع وأكل منه أكلة.. ثم تبعه أحد أصحابه وأكل ثم استوقفهم
النبي "محمد " فجأة وقال لهم:
- كفوا أيديكم فإن هذه الذراع تخبرني أنها مسمومة.
ضيقت عيني في خبث شيطاني.. كنت أعلم أن تلك القضمة الواحدة التي أخذها
من الشاة كانت كافية لقتله.. ولو بعد حين.. وبالفعل مرض النبي "محمد" مرضا
شديدا بعد ثلاث سنوات من أكله للشاة.. وقال في مرضه :
- مازلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة.. فهذا أوان انقطاع الأبهر
مني.
وهكذا أصبح الطريق ممهدًا أمامي لأبث مزيدًا من السموم.. حاولت بكل
جهدي أن ألوّث أفكار دين الإسلام لكن "محمدا" لم يكن قد ترك شيئًا قابلًا
للتسميم.. لم ينس شيئًا إلا وبينه.. وكانت قلوب أصحابه أشد صلابة من الماس..
والمشكلة الأكبر أن الله قد تعهَّد القرآن بالحفظ فلم يكن لي أي مخرج
لتحريفه.. ولم يترك القرآن شيئًا إلالذكره في مواضع عديدة بوضوح.. لكني لم
أعتد أن يقف شيء أمام زحفي وسُمي.. ولذلك وجدت مخرجًا.. أو شبه مخرج.

مات صاحبا الرسول "أبا بكر" و"عمر".. وتولى الخلافة بعدهما "عثمان ابن عفان"
واتسعت دولة "محمد" لتكون من الصين إلى تونس.. ولو تُرِكت بضع سنين كانت
ستغزو العالم كله.. فقد بنى "محمد" جيلًا كاملًا من الشخصيات اللامعة النادرة
القوية المخلصة بطريقة لم تحدث في التاريخ من قبل ولن تحدث في التاريخ من
بعد.. وإن أعظم حضارات العالم تفخر لو وجد فيها شخص واحد من هؤلاء.
فكيف بحضارة فيها أكثر من مئة ألف منهم.. لم يكن مناسبًا أن أعتمد على أحدٍ
في بثِّ سمومي هذه المرة.. كان من المحتّم أن أنزل بنفسي إلى ساحة الأحداث..
وخلعت عني هيئة الثعبان واتخذت لنفسي هيئة بشرية.. ونزلت إلى المدينة
المنورة.. المكان الذي ربَّى كل هؤلاء الرجال.. نزلت إليها على هيئة رجل أسود
قادم من اليمن.. بل شيطان أسود.. شيطان يدعى "عبد الله".. "عبد الله بن سبأ".
بدأت أخلط سما فكريًّا عزافًا لحقنه في قلوب هؤلاء.. نظرت إلى عقيدتهم
وكتّابهم ورسولهم فلم أجد ثغرة أنفذ منها.. لكنني أمعنت النظر وأمعنت حتى
وجدتها.. وجدت الثغرة التي سأحقن فيها سمومي كلها.. فبعد وفاة رسولهم
اجتمع كبار صحابته في سقيفة بني ساعدة ليختاروا واحدًا منهم خليفة
للمسلمين.. لكنهم أغفلوا واحدًا من أهم الصحابة.. رجل شديد الأهمية لم يكن
في هذه السقيفة معهم بل كان مشغولًا يغسل جسد النبي "محمد" تجهيزًا
لدفنه.. كان هذا هو "علي".. "علي بن أبي طالب".. ابن عم الرسول وصهره.
المشكلة أنه كان من المستحيل التأثير على عقائد هؤلاء الرجال أبدًا.. بل إنني
خِفت على عقائدي كشيطان أن تتأثر لو اقتربت منهم.. لذا كان يجب أن يكون
السم سياسيًا هذه المرة.. سياسيًا بحتًا.. إن "علي بن أبي طالب" من آل بيت النبي
وسماه الرسول وليّ المؤمنين فكيف يجتمعون بدونه في السقيفة ويختارون
خليفة لهم بدون حتى أن يأخذوا رأيه.. ضيقت عيني المشقوقتين في رضا
شيطاني ومضيت في طريقي.





  رد مع اقتباس