عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-2008, 11:28 AM   #17

افتراضي

اصنع من الليمون شراباً حلو

الذكيُّ الأريبُ يحوّلُ الخسائر إلى أرباحٍ ، والجاهلُ الرِّعْديِدُ يجعلُ المصيبة مصيبتينِ.‍‍‍ ‍

طُرِدَ الرسولُ  من مكةَ فأقامَ في المدينةِ دولةً ملأتْ سمْع التاريخِ وبصرهُ .

سُجن أحمدُ بنُ حَنْبَلَ وجلد ، فصار إمام السنة ،

وحُبس ابنُ تيمية فأُخْرِج من حبسهِ علماً جماً ،

ووُضع السرخسيُّ في قعْرِ بئْرٍ معطلةٍ فأخرج عشرين مجلداً في الفِقْهِ ،

وأقعد ابن الأثيرِ فصنّفَ جامع الأصول والنهاية من أشهرِ وأنفعِ كتبِ الحديثِ ،

ونُفي ابنُ الجوزي من بغداد ، فجوَّد القراءاتِ السبعِ ،

وأصابتْ حمى الموتِ مالك بن الريبِ فأرسل للعالمين قصيدتهُ الرائعة الذائعة التي تعدِلُ دواوين شعراءِ الدولةِ العباسيةِ ،

ومات أبناءُ أبي ذؤيب الهذلي فرثاهمْ بإلياذة أنْصت لها الدهرُ ، وذُهِل منها الجمهورُ ، وصفَّق لها التاريخُ .

إذا داهمتك داهيةٌ فانظرْ في الجانبِ المشرِقِ منها ،

وإذا ناولك أحدُهمْ كوب ليمونٍ فأضفْ إليهِ حِفْنَةً من سُكَّر ،

وإذا أهدى لك ثعباناً فخذْ جلْدَهُ الثمين واتركْ باقيه ،

وإذا لدغتْك عقربٌ فاعلم أنه مصلٌ واقٍ ومناعةٌ حصينة ضد سُمِّ الحياتِ .

تكيَّف في ظرفكِ القاسي ، لتخرج لنا منهُ زهْراً وورْداً وياسميناً

وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾

سجنتْ فرنسا قبل ثورتِها العارمةِ شاعرْين مجيديْنِ متفائلاً ومتشائماً فأخرجا رأسيْهما من نافذةِ السجنِ .

فأما المتفائلُ فنظر نظرةٌ في النجومِ فضحك.

وأما المتشائمٌ فنظر إلى الطينِ في الشارعِ المجاور فبكى.

انظرْ إلى الوجه الآخر للمأساةِ ، لأن الشرَّ المحْض ليس موجوداً ؛ بل هناك خيرٌ ومَكْسبٌ وفَتْحٌ وأجْرٌ





  رد مع اقتباس