القصص والروايات يختص بالقصص والروايات الادبيه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-16-2020, 07:45 PM   #11

افتراضي


أخرى لم أكن أدري كيف وصل غبائي لئلا يفكر فيها من قبل.. نحن لن نخرج من
المغارة إلا بعد سنة كاملة ال ينفتح فيها بابها كما قال الأهالي.. فماذا سنأكل؟
كان الطعام هو النواشف التي لا تفسد.. مثل الزبيب والجوز واللوز التي يأتون
بها بكميات كبيرة جدًّا ويخزنونها لتكون لنا طعامًا.. والشرب هو من مياه النبع
العذبة.. هكذا فهمت كيف تدار الأمور هنا.. لكن بالنسبة لمهمتي فلا أدري..
كل هذا لم يكن بحسباني.. ثم إن الرجلين لم ينظرا لي لأكثر من ثانية.. أنا أعرف
الرجال عندما ينظرون إليَّ.. أعرف كيف يتوترون لما يحدثونني.. لكن هذين
الوسيمين أشعراني بأني جدار لا تأثير له على أحدٍ.. لكن لم يُخلَق رجل وقف أمام
"فينوس".. ولن يخلق.
في كل يوم كان يمر عليً وأنا في هذه المغارة أعرف مقدار خطورة المهمة
التي أُرسلتُ فيها.. علمت أن السحرة الذين كانوا يسخّروننا لخدمتهم إنما هم
حثالة الناس يا "هازارد".. بل إن الحيوانات أطهر منكم يا "هازارد".. تعلمت أن
قدرتكم الإعجازية هي في الحقيقة ليست قدرتكم وليست إعجازية.. إنما هي
قدرات الشياطين الذين بعتم لهم كرامتكم.. عرفت في تلك المغارة معنى
الإعجاز الحقيقي.. علمت أن الكواكب السبعة والشمس والقمر التي يُعلمنا
سحرتنا أن نتقرب لها ونعبدها ما هي إلا أجرام وأن لها إلهًا واحدًا هو إله
"إبراهيم".. وعلى مثل "إبراهيم" تكون المعجزات.. علمت أن كل ماتفعلونه
وهم.. وكل ما تقولونه وهم.. علمت أن أولئك السحرة هم أضعف شيء وأن
الشياطين هم أضعف شيء.. علمت لكل تعويذة ساحر تعويذة تفكها.. علمت
أن "عزازيل" و"شمهازي" هي أسماء شريرة أشاعها السحرة عن الساحرين
الوسيمين.. لقد كان اسمهما يبدو أجنبيًّا جدًّا وجميلًا جدًا.. كان أحدهما يدعى
"هاروت" والاخر "ماروت".
"وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر"

لكن هذين الساحرين لم يكونا يقدمان ملكًا ولا سلطانًا.. ولا يقدمان ذهبًا ولا
فضة.. من يخرج من تحت أيديهما يكون مصونًا لا يقدر عليه أعتى ساحر.. لأنه
يعرف الحقيقة.. وبالنسبة لي في ذلك الوقت فقد قررت أن أجمع بين الاثنين.. أن
أعرف الحقيقة حتى لا يكون لساحر سلطانٌ عليَّ.. وأن ألبس الذهب والفضة..
وليس هذا يأتي إلا بإتمام مهمتي هنا والعودة
إلى سحرة أوروك بكل ما تعلمته.. ولكني سأشترط أن أكون أميرة يا "هازارد"..
سأملك كل أولئك السحرة وسيركع تحت قدميَّ الجميلتين كل الملوك والسحرة
الذين يسيرون الملوك.
يلقبونني بالزُهرة.. لأن حُسني بين كل النساء كحُسن الزهرة على سائر
الكواكب السبعة.. ورجلان مثل "هاروت" و"ماروت" لابد أن لهما رغبات مثل كل
الرجال.. مثل كل البشر.. وفي ذات ليلة يا "هازارد".. كان كل من في المغارة
يغُط في سبات عميق.. خرجت من غرفتي المنحوتة في الصخر وليس على
جسدي الجميل سوى ملاءة صغيرة تبدي أكثر مما تخفي.. إن "فينوس" آتية.. إن
سيدة الاقمار السبعة آتية.
مشيت في هذه المغارة بمحاذاة النبع إلى المكان الذي يُفترض أن يكون غرفة
الساحرين.. لم تكن المرة الأولى التي سأرى فيها تلك الغرفة على أية حال.. فلي
في هذا المكان ما يقرب من التسعة أشهر.. لكنها كانت المرة الأولى التي
أمشي فيها وحدي في المغارة في هذا الوقت.. كانت هناك مشاعل معلقة على
الجدران في أكثر من موضع لتضيء المغارة كل الوقت.. فلسنا ندري أفي نهار
نحن أم ليل.. ظللت أمشي وأنا أضم ملاءتي الصغيرة على جسدي الفاتن.
ولما اقتربت من غرفتهما سمعت تراتيلَ كثيرة بأصواتهما الجميلة.. ماذا يقول
هذان الرجلان بالضبط وأي لغة هذه.. استجمعت أنفاسي ودخلت..
- هل يحرَّم على البشر في ناموسكم أن يتكاثروا؟

نظرا إليَّ بلا اكتراث.. يا إلهي إنهما يشعرانني أني نكرة .. ثم إنني أسقطت عن
جسدي ثوب الحياء وظهرت أمامهما كما ولدتني أمي.. قلت إني أريد أن آخذ
منهما مالم يأخذه بشر قبلي.. نظرا إلى وجهي.. فقط إلى وجهي.. ثم إن
"هاروت" قال لي بهدوء جاد :
- أن تذهبي عنا الآن هو خير لك.. لئلا يلعنك ربي في الملعونين.
وقال "ماروت" في هدوءٍ أشد:
- عودي إلى أوروك مدينة الفرات.. ولا تكفري كما كفر قومك.
قلت في ثورة :
- بكم قد كفرت وكفرت بربكم.. ما أنتما ببشر.. أنتما من قبيل
الشياطين.
وتبدلت الارض غير ألارض ورأيت السماءَ لأول مرة.. لم تعد هناك كهوف ولا
شقوق ولا "هاروت" ولا "ماروت".. إن هذا لسحر عظيم.. لا ليس هذا بسحر..
إنما هو معجزة.. جريت إلى بابل وليس على جسدي سوى ملاءة قصيرة تبدي
أكثر مما تخفي.
قال "هازارد" بغضبٍ:
- ألم تمكثي سوى تسعة أشهر؟ وهل دونت ما تعلمت؟
قامت "فينوس" عن الارض ونظرت إلى "هازارد" نظرة أنثوية تجيدها:
- لقد استغلني الحثالة أمثالك من السحرة في أوروك ودوَّنوا عنِّي كل ما
تعلمته ولم أجد نفسي بعدها سوى جثة مقطوعة الرأس.
ثم تحولت نظرتها الجميلة إلى نظرة مخيفة وقالت:

- لقد أصبحت ملعونة إلى الابد يا "هازارد".. لُعِنت مرتين.. مرة لما
حاولت أن أفتن مالكين كريمين.. ومرة لما كفرت بكل ما علماني
ونقلته إلى الحثالة أمثالك في أوروك.
تراجع "هازارد" وفقد صرامته مع تقدمها الحثيث منه.. وكانت هذه فرصتها..
لابد أن يكون النكرومانسر قويًّا بما يكفي للسيطرة على الروح التي يود أن
يستدعيها.. ولكنه لم يكن يدري.. لقد كانت "فينوس" غاضبة.. وملعونة.. ولقد
مزقت روحه شر ممزق.. روحه التي صعدت مع ملائكة العذاب إلى السماء..
السماء التي برق فيها في تلك الليلة كوكبٌ ببريق أحمر جميل.. كوكب الزهرة.
تـمَّت
****





  رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب ارض السافلين ♢♢للدكتور ☆ احمد خالد مصطفى ملكة جروح القصص والروايات 51 06-03-2021 08:35 AM
رواية / وإن ماخذيتك بالحلال اول عيالي سميك ..... قطر الندئ القصص والروايات 11 12-30-2020 03:32 PM
رواية روحك خمري الحلال جنة عشق القصص والروايات 6 11-21-2013 10:13 PM
أسطوووووووورة الحذااااااااء للدكتور غازي القصيبي ابو خالد الشعــــــــــــر 14 09-17-2009 05:56 AM
احلى أهداء لعيوين احلى أعضاء الشوق الدافئ التصاميم والجرافيكس 12 03-25-2008 04:29 AM



الساعة الآن 12:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas