القصص والروايات يختص بالقصص والروايات الادبيه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-23-2020, 10:40 AM   #51

افتراضي

دماء على أرض الميعاد..
1500 بعد الميلاد – 1948 بعد الميلاد



سابحًا في بحر أفكارهم كان.. يغوص فيها ويجول.. يمسك بعض أفكارهم
في يده ذات الأظفار الطويلة.. وينظر إليها من وراء قناعه الأبيض المخيف..
ويبتسم.. ويطمئن.. كنت تراه عن بعد فلا تدري من هو.. وكيف يسبح في بحر
أفكارهم هكذا.. ثم لم تلبث أن عرفته.. كان هذا هو الشيطان المريد اليهودي
"ماستيم".. كان يسبح في بحر أفكار مذهب مسيحي جديد.. مذهب ظهر في
أوروبا فجأة بعد أن طُرِد اليهود منها.. كان "ماستيم" يسبح في بحر أفكار
أصحاب المذهب البروتستانتي.
" اليهود هم أبناء الله وخاصته والمسيحيون هم الغرباء.. والغرباء لابد أن يرضوا
أن يكونوا كالكلاب التي تأكل الفتات الذي يسقط من مائدة الأسياد"
مارتن لوثر
وجد هذه الفكرة في بحر أفكارهم تتهادى.. فكرة لفتت انتباه الشيطان
اليهودي.. فكرة قالها مارتن لوثر" مبتدع المذهب البروتستانتي كله.. الرجل
القسيس الذي كره سلطة البابا شبه الإلهية.. كره بيع صكوك الغفران التي
تضمن للناس حفظًا من النار وفدادين في الجنة.. كره عدة أمور أخرى وعارضها
بعلنية وحماسة شديدة.. وفي مذهبه هذا كان يتقرب لليهود ويعارض
اضطهادهم وطردهم من البلاد ومعاملتهم على أنهم المذنبون الأبديون قاتلو
المسيح.
" دعكم من الإنجيل لأنه محرَّف.. إن الكتاب الصحيح الوحيد هو التوراة اليهودية
ولا شيء غيرها.. وبالنسبة للتلمود فال يجب علينا أن نحرقه بكل هذه القسوة"
مارتن لوثر
فكرة أخرى أمسكها بيده وصار ينظر إليها بتمعن.. فكرة وضعت التوراة
اليهودية مكان الإنجيل في هذا المذهب المسيحي الجديد.. اتهمه المسيحيون

التقليديون الكاثوليك بأنه يهودي متخفٍّ.. بعد فترة تغيرت أفكار هذا الرجل
لتنتج شيئًا غريبًا نوعًا ما.
"اليهود كائنات يجب التخلص منها فورًا.. ديدان مقززة وخبثاء وملعونون إلى
الأبد.. يجب أن نسلب منهم جميع كتبهم ونحرقها.. لابد أن نطردهم جميعًا من
بلادنا"
مارتن لوثر
نظر "ماستيم إلى الفكرة بتعجب.. ألم يكن الرجل منذ قليل محِبًّا لليهود متقرّبًا
إليهم ؟.. وبينما "ماستيم" يفكر إذا ناداه الأفعى "سيربنت" نداء فهم منه أنه
رغم أن أفكار هذا الرجل أصبحت معارضة لليهود إلا أنها كانت صهيونية في
نفس الوقت.. بدأ "ماستيم" يسبح باحثًا عن تلك الأفكار الصهيونية في بحر
العقلية البروتستانتية.. حتى وجدها مكتوبة بخط أحمر مشع وسط كل الأفكار
الأخرى.
"علينا ألا نعيق ذهاب اليهود إلى فلسطين.. بل إن علينا أن نعطيهم كل ما
يحتاجون إليه في رحلتهم تلك.. لأنه لما يقدر اليهود أن يقيموا لأنفسهم دولة
في فلسطين سينزل المسيح عيسى ليخلص العالم من الشر"
مارتن لوثر
إن هذا الفكر هو الولادة الحقيقية للصهيونية.. فقد خرج قبل أن يُولَد
"هرتزل".. بل حتى قبل أن يولد "ساباتاي زيفي".. ترك "ماستيم أفكار "مارتن
لوثر وبحث عن أفكار لمصلح بروتستانتي آخر جاء بعده ويدعى "كالفن"
"الربا ليس حراما بل هو حلال لا شيء فيه"
كالفن

هذه الفكرة ساهمت في تسهيل جميع معاملات اليهود المالية وسيطرتهم
الاقتصادية على جميع البلاد الأوروبية.. كان "كالفن" هذا يدعو بحماسٍ لأفكار
"مارتن لوثر".. وأفكاره تلك فرقت بين الكنيسة والشعب في إنجلترا مما أدى
لاشتعال النار في الثورة الإنجليزية التي شاهدناها على الشاشة مع "سيربنت" من
قبل.
ترك الشيطان" ماستيم بحر الأفكار البروتستانتية وطار خارجًا منه إلى سماء
أوروبا التي شهدت حروبًا دينية بين أتباع المذهب البروتستانتي وأتباع المذهب
القديم الكاثوليكي.. حروب دينية راح ضحيتها الكثير.. وانقسمت بلاد أوروبا
دينيًّا فصار منها ما هو كاثوليكي بحت مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.. ومنها ما
هو بروتستانتي مثل ألمانيا وإنجلترا.
نظر "ماستيم" خلال هذه الحرب إلى البروتستانت وهم يهاجرون من إنجلترا عبر
المحيط إلى أمريكا.. وظنوا أنفسهم في هجرتهم هذه كأنهم يعيدون مشهد
الخروج المقدس.. أيام خرج اليهود من مصر بعد أن استعبدهم فرعون.. فشقَّ
بهم موسى البحر وأوصلهم إلى أرض صحراء هي أرض سيناء أو أرض التيه..
أما البروتستانت فقد هربوا من اضطهادهم في أوروبا إلى أرض تيه جديدة هي
أرض أمريكا.. وقد أعجبتهم تلك الأرض وصاروا أغلبية ساحقة فيها وبالتالي
صار المذهب البروتستانتي هو المذهب الغالب في أمريكا.
لم يكن "ماستيم" يفهم ما الذي يعنيه ذلك وقتها.. كل ما أصبح يعلمه هو أن
البروتستانت هؤلاء قد صاروا أغلبية في العالم.. وأنهم موالون ومعينون
ومناصرون لعودة اليهود إلى فلسطين.. وأكبر الدول المناصرة ستكون بالتالي
هي إنجلترا وأمريكا.. لم يكن يدرك جيدًا ما الذي يعنيه هذا وهو يطير فوق
المسجد الأقصى.. لكن الزمن كان كفيلًا بإفهامه.. كان اليهود الآن قد بدأوا
يهاجرون إلى فلسطين ألفًا وراء ألف بعد أن حكمت جمعية الاتحاد والترقي
عرش الدولة العثمانية.. وهاهو "سيربنت" يزحف على بلاط مسجد قبة الصخرة





  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 11:11 AM   #52

افتراضي

في هدوء ولسانه المشقوق يخرج من بين أنيابه مهتزًّا في نهم لشيء ما.. كان
يبدو أن الأفعى "سيربنت" قد وصل لمحطته األخيرة.. وأنه سينجزها بنجاح كما
أنجز كل المراحل التي سبقتها.
بعد وفاة "هرتزل" أصبح "ماستيم" يطير فوق رجل آخر.. خليفة "هرتزل" في
زعامة الصهيونية.. "حاييم وايزمان".. عالم كيميائي يهودي.. أوفده اللورد
"روتشيلد" ليزور فلسطين أثناء هجرة اليهود إليها.. فعل هذا الرجل أفاعيل
خبيثة أعجبت "ماستيم" جدًّا.. في البداية أسس شركة تطوير أراضي في يافا..
هدقها شراء الأراضي من الفلسطينيين بطريقة منظمة.. كانت أكبر صفقة
عقدها هي شراء أرضٍ واسعة جدًّا جدًّا كانت مملوكة لعائلة لبنانية مقيمة في
أوروبا.. وبدأ "وايزمان" يبني مستعمرات يهودية على الأراضي التي نجح في
شرائها.. ثم أنشأ جماعة مسلّحة تدعي حرس الهاشومير.. يهود مسلحين لهم
هيئة غريبة نوعًا ما.. يرتدون الغترة البيضاء العربية على رؤوسهم.. وعلى
صدورهم حزامان سوداوان متقاطعان.. كان هؤلاء الحرس يحرسون
المستعمرات اليهودية.. وبدأ "وايزمان" في إخراج مظاهرات في فلسطين
لالعتراف باللغة العبرية.. وبينما "ماستيم" يطير في شوارع فلسطين.. إذ به يرى
جريدة مفتوحة ملقاة على جانب الطريق.. نظر إليها.. كان اسمها الكرامل..
وكان المانشيت الرئيسي في الصفحة تحذير لجميع العرب من قيام الدولة
اليهودية.. لأنها ستكون خنجرًا سامًا في خاصرة العرب.. ابتسم "ماستيم"
ابتسامة باهتة ثم غادر المكان طائرًا إلى مكان آخر.
فجأة اهتزت أجواء العالم أجمع.. الحرب العالمية الأولى.. تحالفت بريطانيا
وفرنسا وروسيا وإيطاليا ضد دولة واحدة هي ألمانيا.. لم تكن الدولة العثمانية
لها أي علاقة بتلك الحرب الأوروبية من قريب أو من بعيد لكن جماعة الاتحاد
والترقي أقنعوا الخليفة الصوري أن يدخل في الحرب إلى جانب ألمانيا.. وبالفعل
هذا ما حدث.. واشتد اهتزازالأجواء واشتد تطاير عباءة "ماستيم" وهو ينظر إلى

خسائر الدولة العثمانية المتتالية في تلك الحرب.. سقطت من بين أيدي المسلمين
دول كثيرة مثل البلقان وصربيا وبلغاريا واليونان والجبل الأسود والقوقاز.. ولم
تعد أي دولة عربية موالية للدولة العثمانية حقيقة وإنما صرخت بين العرب أصوات
تنادي بالاستقلال عن ذلك الكيان التركي المغرور الضعيف.. لم تكن الدولة
العثمانية بخير.. لم تكن بخير أبدًا.
كان حقًّا على "ماستيم" أن يقهقه ساخرًا وهو يشاهد أخيرًا قيام ما أُطلِق عليه
لقب الثورة العربية الكبرى.. لم تنطلق في أي وقت.. بل اشتعلت في خضم
انشغال الدولة العثمانية بالحرب العالمية الأولى.. كان "ماستيم" متحمسًا جدًا..
طار إلى قلب الحدث مباشرة.. كان ملك الحجاز وشريف مكة الذي يدعى
"الشريف حسين" يراسل السفير البريطاني في مصر والذي يدعى "مكماهون"..
كان البريطاني يريد من العرب أن يدخلوا في الحرب العالمية الأولى مع بريطانيا
ضد الدولة العثمانية.. على وعدٍ من بريطانيا أن تعترف بدولة عربية كبيرة تضم
الجزيرة العربية كاملة والشام والعراق.. ويكون "الشريف حسين" هو الخليفة
الأعظم لهذه الدولة.. شرط ألا تضم تلك الدولة لبنان ولا تضم فلسطين.. ووافق
الشريف "حسين" واشتعلت النار.
وبينما كانت الدولة العثمانية تقاتل الروس واإلنجليز والفرنسيين والإيطاليين من
جميع الجهات.. إذ أتاها خنجر طعنها في ظهرها طعنة نجلاء.. خنجر عربي
مكتوب على نصله "الشريف حسين".. وصفق "ماستيم" بيديه المخيفتين لهذه
الطعنة الرائعة.
ترك "ماستيم" أجواء الثورة العربية الكبرى إلى أجواء أخرى.. اجتماع سري بين
إنجلترا وفرنسا.. اتفاقية ذات اسم شهير "سايكس بيكو".. يرأسها من الجانب
الإنجليزي "سايكس" مندوب بريطانيا لشؤون الشرق الأدني ومن الجانب الفرنسي
"بيكو" قنصل فرنسا السابق في بيروت.. اتفقا على أن تتوزع الكعكة العثمانية
عليهما.. أعني تتوزع الدول العربية عليهما بعد سقوط الدولة العثمانية.. فتأخذ

بريطانيا العراق والأردن.. وتأخذ فرنسا سوريا ولبنان أما فلسطين فتبقى تحت
سيطرة مشتركة للحلفاء.. ووبهذا كانت بريطانيا وفرنسا يريدان أن يأكلا قطع
الكعكة العثمانية.. رغم أنهما وعدا أن يُعطيا تلك القطع "للشريف حسين".. لكن
"ماستيم" كان يتساءل عن حظ اليهود في تلك الكعكة اللذيذة.. كان يتساءل
عن فلسطين.
فجأة فتح "الشريف حسين" جريدة الصباح ليجد أخبار تلك الأتفاقية السرية بين
بريطانيا وفرنسا.. رغم أنها سرية إلا أن الروس سرّبوا أخبارها إلى الجرائد..
وضجّ ملك الحجاز وأرغى وأزبد.. لكن حديثًا واحدًا من البريطانيين طمأنه.. قالوا
له ألا يصدق كلام الجرائد لأنه كلام جرائد.. ولم تحدث أي اتفاقيات ونحن على
وعدنا الاول واتفاقيتنا.. فاطمأن لذلك واستراح ونام يحلم بأن يكون ملك العرب.
كان "ماستيم" يطير مطمئنًا على أحوال اليهود في فلسطين.. كانوا لا يزالون
يشترون الأراضي ويبنون المستعمرات.. أخيرًا أيها اليهود بدأتم تمتلكون جزءًا
من فلسطين.. بعد أن شردكم الزمان وأذلّكم أهل المكان.. سمع "ماستيم"
أصداء حفل يقام في بريطانيا.. حفل عظيم.. طار في ثوانٍ إلى الحفل.. كان
اليهود يحتفلون.. بماذا تراهم يحتفلون.. إنه يرى أكبر حكماء صهيون هنا..
"حاييم وايزمان" و"سايكس" واللورد "روتشيلد" وغيرهم الكثير.. كانوا يحتفلون
بحدثٍ جلل.. فقبل أيام أصدرت بريطانيا وعدًا.. وعدًا لليهود بأن تقيم لهم دولة
مستقلة في فلسطين.. وعدًا يدعى "بلفور".. والتقت كؤوس الخمر وأكف
اليهود وابتساماتهم.. وظللت عليهم عباءة "ماستيم" المتطايرة وقناعه الذي
تحول في تلك اللحظة إلى مزيج عجيب من السعادة والإرعاب.
لم يكن وعدًا رسميا.. إنما كان رسالة من وزير الخارجية البريطاني "بلفور" إلى
اللورد "روتشيلد".. رسالة كان "ماستيم" يتوق شوقًا لقراءة نصّها.. فطار إلى
حيث الرسالة الرسمية وفتحها يقرأها بتركيز.. كانت كالتالي..
وزارة الخارجية





  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 11:26 AM   #53

افتراضي

في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جدًّا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة ملك بريطانيا التصريح التالي.. والذي
ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية.. وقد عُرض على الوزارة
وأقرته :
”إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في
فلسطين للشعب اليهودي.. وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية..
على أن يُفهم جليًّا بأنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية
والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين.. ولا
الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلدٍ آخر."
وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علمًا بهذا التصريح.
المُخلص
آرثر جيمس بلفور
أن تعطِي أرضًا لا تملكها إلى شعب لا يستحقها.. كان هذا هو الوعد باختصار..
بعد أسابيع فتح "ماستيم" رسالة أخرى سرية.. مقدمة من أول صهيوني يصل
لمنصب وزير في بريطانيا يرسلها إلى مجلس الوزراء البريطاني..
"الوقت الحاضر ليس مناسبًا لإنشاء دولة يهودية مستقلة.. لذا يجب أن توضع
فلسطين بعد الحرب مباشرة تحت السيطرة البريطانية.. لتعطي تسهيلات
للمنظمات اليهودية لشراء الأراضي وإقامة المستعمرات وتنظيم الهجرة.
وعلينا أن نزرع بين المحمديين ثلاثة إلى أربعة ملايين يهودي أوروبي"
كانت رسالة حكيمة.. وقد تم تنفيذها بحذافيرها.. طلبت بريطانيا من فرنسا
تعديل اتفاقية "سايكس بيكو".. وأن تعطي فلسطين لبريطانيا بدلا من أن تكون

تحت سيطرة دولية.. وتم التعديل.. وبدأت بريطانيا تُعد جنودها لاحتلال فلسطين
عسكريا.. كان الجيش العثماني في فلسطين قوامه حوالي مئة ألف رجل يرأسه
رجل من جماعة الأتحاد والترقي.. رجل يدعى "مصطفى كمال أتاتورك".. وقد
جاءته الأوامر من قيادة الاتحاد والترقي بأن ينسحب مع كل جنوده من فلسطين
ويُخليها تمامًا.. وهذا ما فعل "أتاتورك".. انسحب بمئة ألف رجلٍ من فلسطين..
وهاهو "ماستيم" يحلق في الهواء ناظرًا إلى مشهد لم يره منذ سبعة قرون.
جيش بريطاني لا تدرك نهايته بعينك البشرية.. كأنه حزام طويل من الجنود يمتد
من الأفق إلى أرض فلسطين.. قائد هذا الحزام من البشر كان يدعى الجنرال
"أللينبي".. ومن ضمن هذا الجيش كان هناك فيلق يهودي مدرَّب على أعلى
مستوى.. بينه وجوه خبيثة لم يتعرف عليها "ماستيم" في البداية لكن التاريخ
يحفظ أسماءهم جيدًا.. كان من ضمن الوجوه في الفيلق اليهودي رجلٌ غزا
الصلع رأسه من المنتصف فترك جزيرتين من الشعر على الجانبين.. رجل يعرفه
التاريخ باسم "دافيد بن غوريون".. ورجل آخر هو "نحميا رابين".. والد "إسحق
رابين".. وآخرون ممن سيكون لهم شأن فيما بعد.. كان الجنرال "اللينبي" يدخل
مزهوًا وسط أهالي فلسطين الذين لا يدرون أين ذهب جيش الدولة العثمانية
بالضبط.. لكنهم كانوا سعداء بالبريطانيين مرحبين بهم.. فبالنسبة لهم كان
البريطانيون هم الملائكة الذين أتوا من بلادهم ليساعدوا فلسطين على
الاستقلال عن الدولة العثمانية التركية المغرورة.. لم تكن هذه فكرة عامة
الشعب فقط.. وإنما كانت فكرة الشيوخ والمفكرين وحتى المفتي العام
لفلسطين.. سمع "ماستيم" الجنرال "لألينبي" وهو ينظر إلى تلك األجواء قائلًا:
- اليوم انتهت الحروب الصليبية .
لم يكن الشيطان الأفعى "سيربنت" موجودًا.. لقد ترك فلسطين فجأة واتجه إلى
روسيا.. كانت الحكومة القيصرية الروسية تضطهد اليهود اضطهادًا شديدًا..

وذات مرة ذهب مندوب يهودي إلى وزير المالية الروسي وعرض عليه أن يتخلص
من كل اليهود الذين في بلاده بإرسالهم إلى فلسطين.. حينها قال له الروسي :
- إني أفضِّل أن أتخلص من اليهود فعلًا.. ولكن ليس بإرسالهم إلى
فلسطين.. وإنما بإغراقهم في البحر الأسود.
كان لابد من تهجير ذلك العدد الضخم من اليهود في روسيا إلى فلسطين بأي
طريقة من الطرق.. فدار "سيربنت" في أنحاء روسيا حتى أقام ثورة رهيبة.. ثورة
لو أردنا سرد وقائعها لاحتجنا إلى كتابٍ منفصل.. خبث ودهاء أوصل اليهود إلى
حكم روسيا بعد أن كانوا مضهَديها.. خبث لم تعرفه الأرض إلا في أماكن زحف
الأفعى اليهودية "سيربنت".. قامت الثورة الروسية وحكمت الشيوعية روسيا..
وكانت الحكومة الجديدة أغلبها يهود.. وأول قرار اتخذوه هو إرسال اليهود
إلى أرض الميعاد.. إلى فلسطين.
ضجَّ الشريف حسين وأرغى وأزبد.. ولكن بريطانيا حدثته وهدأته ونومته على
سريره الوثير.. فأعطت البنه حُكم العراق.. وأعطت البنه الآخر حُكم الأردن.. بدأ
"ماستيم" يراقب حياة اليهود في فلسطين بعد احتلال بريطانيا.. أصبحت اللغة
العِبرية لغة رسمية.. أصبح لهم محطات كهرباء مخصوصة لهم.. أصبحت
لهم وزارة للمياه ووزارة لألشغال.. ودخل الاقتصاديون اليهود ولعبوا ألاعيبهم
وفتحوا شركاتهم وأصبحوا يشغلون الفلسطينيين فيها.. ولكن بعد الهجرة
الكبيرة لليهود من روسيا بدأ الأهالي يضجون ويشعرون بالخطر.. وبدأت مالمح
توحي بالخطورة ترتسم على قناع "ماستيم".
على الجانب الآخر تم افتعال حرب زائفة بين الدولة العثمانية واليونان وتم صناعة
بطل زائف في الجرائد والمجلات. "مصطفى كمال أتاتورك".. بطل مدحه "أحمد
شوقي" قائلًا..
الله أكبر كم في الفتح من عجب.. يا خالد الترك جدد خالد العرب

وسمح التهليل والتطبيل في الجرائد والمجلات لهذا البطل الزائف أن يعلن نفسه
ذات يوم رئيسًا لدولة تركيا.. ويعلن سقوط الخلافة العثمانية إلى الأبد.. وفور أن
تسلَّم حُكم تركيا اندهش "ماستيم" من كم الأمور العجيبة التي قام بها.. نفى
كلمة إسلام تمامًا من دستور تركيا.. ونص أنها دولة علمانية ال دين لها.. حرَّم
لبس الحجاب على النساء.. ألغى الاحتفال بالعيدين.. منع المسلمين من أداء
فريضة الحج لسنوات.. أغلق عددًا ضخمًا من المساجد.. حول مسجد أيا صوفيا
العظيم إلى كنيسة.. منع الأذان باللغة العربية وجعله باللغة التركية.. ألغى
منصب المفتي.. أعدم 150عالمًا مسلمًا اعترضوا على هذه القوانين.. أجبر أئمة
المساجد على ارتداء القبعة الأوروبية بدلًا من العمامة الإسالمية.. ألغى التقويم
الهجري تمامًا.. ساوى بين الذكر والأنثى في الميراث.. ألغى من اسمه كلمة
مصطفى واكتفى بكلمة أتاتورك.. وفي النهاية أوصى عند موته بألا يُصلَّى
عليه.. ورغم أن هذه الأمور كلها أسعدت روح "ماستيم".. إلا أن الاندهاش لم
يستطع أن يفارق قناعه لمدة طويلة لكنه زال لما أوحى إليه "سيربنت" أن أتاتورك
قد ربته حاضنة يهودية.
ألف "أحمد شوقي" قصيدة طويلة ينعي فيها تركيا وينعي سقوط الخلافة
ويهاجم أتاتورك قائلًا:
بكت الصلاة وتلك فتنة عابث.. بالشرع عربيد القضاء وقاح
أفدى خزعبلة وقال ضلالة.. وأتى بكُفرٍ في البالد بواح
لا يمكنك أن تخدع كل الناس كل الوقت.. خرج مفتي فلسطين وكل المفكرين
الذين كانوا مؤيدين لالحتلال البريطاني لفلسطين في مظاهرات حاشدة سلمية
عديدة معارضين.. لكن "ماستيم" كان يطير فوق مظاهرة أخرى.. مظاهرة
حاشدة قام بها اليهود عند حائط البُراق للمطالبة ببناء الهيكل المزعوم..
منشدين نشيد الأمل.. أو كما يقولون "الهاتيكفا"..





  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 01:00 PM   #54

افتراضي

طالما في القلب تكمن
نفس يهودية تتوق
وللأمام نمو الشرق
عين تنظر إلى صهيون
أملنا لم يضع بعد
أمل عمره ألفا سنة
أن نكون أمة حرة في بلادنا
بلاد صهيون وأورشليم القدس
وبعد صلاة الجمعة التي تلت ذلك اليوم.. كان "ماستيم" طائرًا شاهدًا لحدثٍ
رهيب أمام المسجد الأقصى.. جمهرة من المسلمين تصارعت من جمهرة
مماثلة من اليهود.. وتدخَّل الجيش البريطاني بين الجمهرتين.. وكان تدخُّله
إطلاق النار على المسلمين العزل الذين سالت دماؤهم في ساحة المسجد
الأقصى.. وتحول قناع "ماستيم" إلى منظر بشع مخيف.. وطار فوق الجميع طيرانا
يؤذن بكارثة.
قامت ثورة كبيرة كانت بداية لجميع أحداث العنف التي تلتها.. ثورة البراق..
حطم الفلسطينيون ست مستعمرات يهودية تدميرًا كاملًا.. وامتدت الثورة
كالسرطان إلى كافة المدن الفلسطينية بلا استثناء.. كانت الصحف العالمية
كلها تعرض خبر الفلسطينيين الجزارين الإرهابيين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم
في حق إخوانهم اليهود المسالمين.. تم اعتقال تسعمائة فلسطيني.. أعدم أهم
ثلاثة منهم.. واستمرت الثورة عامًا كاملًا.. وبعدها تم تخفيف الهجرة
اليهودية.. واعتبار حائط البراق ملكية إسلامية كاملة لا علاقة لليهود بها.

إن حائط البراق هذا هو ما يُدعى هذه الأيام حائط المبكى والذي يعتبر اليوم
ملكية يهودية خالصة لاعلاقة للمسلمين بها.. وهو الحائط الذي يحد المسجد
الأقصى من الجهة الغربية.. وهو الحائط الذي ربط النبي "محمد" فيه فرسه
البراق بحلقة قبل أن يدخل إلى المسجد ويصلي بالأنبياء قبل أن يُعرج به إلى
السماء.. أما اليهود فيعتبرونه الحائط الوحيد المتبقى من الهيكل.. ويبكون
عنده حسرة على خراب الهيكل.
كان يبدو أن الثورة قد هدأت نوعًا ما بعد أعمال القمع الأرهابية التي كان الجيش
البريطاني يجيدها ويحبها ويستمتع بها.. وكان "ماستيم" يحلق فوق مكان
عجيب.. مسجد من مساجد حيفا.. وكان يمكنك أن تسمع صوت الخطيب عاليًا
يدوي في القلوب:
- قال ربكم العظيم.. "ألا تقاتلون قومًا نكثوا إيمانهم وهمّوا بإخراج
الرسول وهم بدأوكم أول مرة.. أتخشونهم.. فالله أحق أن تخشوه
إن كنتم مؤمنين"
و أعاد الجملة الأخيرة ثلاث مرات.. كان صوته متهدجًا دافئًا متحمّسًا حزينًا
حقيقيًّا.. ثم قال لهم:
- يا أيها الناس، لقد علمتكم أمور دينكم حتى صار كل واحد منكم
عالمًا بها.. وعلمتكم أمور وطنكم حتى وجب عليكم الجهاد.. ألا هل
بلغت.. اللهم فاشهد.. فإلى الجهاد أيها المسلمون.
ضج المسجد بالبكاء والتأثر.. كان هذا هو "عز الدين القسام".. أزهري من أهل
سوريا قاد الناس في بلده سوريا ضد الاحتلال الفرنسي.. ثم سافر إلى فلسطين
ليقود الناس ضد الاحتلال البريطاني.. بعد ساعة من تلك الخطبة بدأت السلطة
تبحث عنه بحثها عن الإرهابيين.. لكنه في تلك اللحظة كان قد حمل بندقيته
وذهب إلى الجبال.. طار "ماستيم" فوق تلك الجبال ليشاهد "عز الدين القسام"

ومعه نفر من أصحابه يقاتلون الجنود الإنجليز الذين كشفوا مخبأهم في الجبال..
كان هناك رجال من الشرطة العربية يقفون في جانب الانجليز.. صاح قائدهم :
- أنت محاصر يا "عز الدين".. عليك أن تستسلم فلا قِبَل لك بهم.. القبل
لك بالإنجليز
رد عليه "عز الدين" :
- بل نحن في مقام لم تعرفه بعد.. نحن في مقام الجهاد.. ومن خرج
في هذا المقام لا يصح أن يستسلم إلا لله.
كان "ماستيم" يتابع تبادل إطلاق النار في شغف بين الجانبين في الجبال.. لكنه بدأ
يتململ.. طالت المعركة لأكثر من ساعتين.. وفجأة غزت الجو طائرات إنجليزية..
طائرات قصفت جانب المجاهدين بقذائف إنجليزية خرجت لها أرواح المجاهدين
كلهم.. وخرجت لها روح "عز الدين القسام".. الرجل الذي أشعل لموته ثورة
أكبر من ثورة البراق.. ثورة فلسطين الكبرى.. وبدأ قناع "ماستيم" المرعب
يتشقق بطريقة عجيبة.. وتخرج من بين تشققاته أدخنة سوداء.
لم تكن ثورة فقط.. بل كانت ثورة وإضرابًا.. وربما تكون تلك أشد ثورة في
تاريخ فلسطين.. ثورة قمعتها القوات الإنجليزية بكل الطرق حتى وصلت إلى
قصف المنازل وتفجيرها لاشتباه وجود ثوار فيها.. استمرت الثورة ثلاث سنوات
كاملة نُفذت فيها حوالي عشرة آلاف عملية فدائية.. بمعدل تسع عمليات فدائية
في اليوم.. وأصبحت التشققات في قناع "ماستيم" تتزايد.. كان يطير فوق أحد
المساجد أثناء صلاة العيد.. وفور انتهائها وخروج الناس إذ هجمت عليهم
القوات الإنجليزية واعتقلت نفرًا كثيرًا منهم.. تابعهم "ماستيم" حتى انتهى
الإنجليز بهم إلى أماكن مغلقة يسمونها Camps Concentration ..
وضعوهم بداخلها وأغلقوها عليهم لثلاثة أيام متواصلة.. كان "ماستيم"
يشاهدهم وهم يبولون على أنفسهم لعدم وجود مكان يبولون فيه.. ويتلوى

بعضهم على الأرض من الجوع والعطش.. ويبكون حالهم وذُلّهم وقهرهم..
وملامح وجه "ماستيم" تبرز أعتى معاني الشماتة والكراهية.
شعر "ماستيم" بأن أجواء العالم كله تهتز بعنف.. تذكر اهتزازا كهذا منذ مدة
ليست بعيدة.. لكن الاهتزاز هذه المرة كان عنيفًا جدًّا.. الحرب العالمية الثانية..
لازال الحلفاء حلفاء.. بريطانيا وفرنسا وروسيا.. لكن انضمت لهم أمريكا هذه
المرة.. المعسكر الثاني ألمانيا.. وانضمت لها اليابان.. كانت أكبر معركة في
تاريخ الارض.. معركة مات فيها 50 مليون إنسان.. ما أهم"ماستيم" في تلك
الحرب هو أنه نزحت من ألمانيا وأوروبا دفعات هائلة جدًّا من اليهود.. دفعات
توجهت كلها ناحية فلسطين.. دفعات ادعت أنها هاربة من طغيان "هتلر" الذي
يقيم المذابح والمحارق لإبادة اليهود عن وجه الأرض كلها.. وتدفقت هذه
الدفعات على سفن هائلة الحجم لترسو على موانىء فلسطين.. ودخل هؤلاء
متوقعين أن يحظى كل واحد منهم بمسكن ومأكل ومشرب.. وإن توقعاتهم
كلها كانت صحيحة.. صحيحة جدًّا.
قبل الحرب العالمية الثانية كانت الهيئة التي تجتمع فيها جميع الدول تدعى
"عصبة الأمم".. وهي الهيئة التي أعطت إلى بريطانيا صك الأنتداب لدخول
فلسطين واحتلالها.. وبعد الحرب العالمية الثانية صار اسمها "الأمم المتحدة"..
وقررت الأمم المتحدة حتى تحل أزمة ثورة فلسطين هذه أن تكون فلسطين
تحت حُكم الأمم المتحدة.. فلا هي لليهود ولا هي للعرب.. ضج اليهود وثاروا
في وجه الأمم المتحدة فتراجعت عن قرارها إلى التفكير في قرار آخر.. أن
تقسم فلسطين إلى دولتين.. واحدة عربية والأخرى يهودية.. وأن تُعجل بعد تنفيذ
هذا القرار بإخراج البريطانيين من فلسطين.
في تلك الأثناء كان اليهود لديهم فرق عسكرية كثيرة.. كان لديهم فرقة
الإيرجون.. وفرقة الشتيرن.. وفرقة الهاجانا.. وفرقة البلاماخ.. كلها فرق
عسكرية مسلحة تسليحًا ثقيلًا جدًّا ومدربة تدريبًا عاليًا جدًّا.. ورغم أن هذه الفرق






التعديل الأخير تم بواسطة ملكة جروح ; 12-23-2020 الساعة 03:00 PM
  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 02:09 PM   #55

افتراضي

كلها كانت تساعد البريطانيين على قمع الثورة الفلسطينية.. إلا أنها وبعد أن
خرج قرار التعجيل بإخراج البريطانيين وقرار التمهيد لتقسيم فلسطين.. قررت
أن تقوم بعمليات إرهابية ضد البريطانيين.. لتُعجل بإخراجهم من البلاد.. وبالفعل
قامت عمليات إرهابية شهيرة ضد أعضاء الجيش البريطاني.. تفجيرات واغتيالات
ونسف وقتل.. حتى تم القبض على قائد فرقة الإيرجون الذي يدعى "مناحم بيجن"
واعتبروه إرهابيًّا.. ما أضحك "ماستيم "هو أن هذا الرجل نفسه الذي دخل السجن
الأن باعتباره إرهابيًّا.. بعد مرور ثلاثين عامًا حصل الرجل على جائزة نوبل للسلام
مناصفة مع الرئيس المصري "أنور السادات".
أوعزت بريطانيا إلى رئيس وزراء مصر "مصطفى النحاس" بإنشاء هيئة تدعى
جامعة الدول العربية.. تضم كل الدول العربية وتعبِّر عن رأيها.. شرط ألا تضم
فلسطين إليها.. واجتمع العرب في هيئة جامعة واحدة.. وسلخوا منهم
فلسطين.. كان "ماستيم" يفكر قليلًا.. لقد ضمت تلك الجامعة سبع دول.. ست
منها تحت الاحتلال الإنجليزي.. أي أنه لا فائدة حقيقية منها إلا تمرير ما تريده
بريطانيا باسم العرب.. وضحك "ماستيم" مجددًا.
طار "ماستيم" ذو القناع المتشقق فجأة إلى مقر الامم المتحدة.. كان هناك
اجتماع في غاية الاهمية.. دخل "ماستيم" إلى الاجتماع والمتحدث اليهودي
يقول :
- حين نتكلم عن دولة يهودية.. فليس في مخيلتنا أي دولة عنصرية أو
متعصبة لدين.. بل دولة تقوم على أساس المساواة الكاملة في
الحقوق لكل سكانها.. دون تمييز في الدين والعرق.. وبدون سيطرة
أو إخضاع.
بعد أن كان اليهود يملكون 5% فقط من أرض فلسطين.. إلا أنهم ملكوا بعد
هذا الاجتماع نصف أرض فلسطين.. كان هذا الاجتماع هو الاجتماع الذي أعلن
قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين.. النصف للعرب.. والنصف لليهود.. والقدس لا


إلى هؤلاء وال إلى هؤلاء.. بل هي منطقة دولية.. ويجب على كل الفلسطينيين
الساكنين في القسم المعطى لليهود أن يغادروا مساكنهم فورًا إلى القسم
الفلسطيني.. وقررت اللجنة خروج البريطانيين من البلاد في 15مايو 1948 ..أي
بعد ستة أشهر.
وبدأ ترحيل الفلسطينيين من الاراضي المقسومة لليهود حسب القرار.. وبدأ
"ماستيم" يطير فوق القرى ليتابع أحداث الترحيل.. دخلت قوات الهاجانا إلى قرية
القسطل.. أهم القرى الحامية للقدس.. دخلتها وطردت منها جميع أهلها..
ولفت نظر "ماستيم" فرقة من المجاهدين الفلسطينيين الذين كانوا يبدون
منظمين ومسلّحين.. كانت هذه الفرقة هي جيش الجهاد المقدس.. وقد تكون
هذا الجيش بعد أن اجتمع الفلسطينيون في كافة أنحاء البلاد وقرروا توحيد
صفوفهم المقاوِمة في جيش واحد.. وكان قائد هذا الجيش رجل فلسطيني
مجاهد صنديد يدعى "عبد القادر الحسيني".. وقد رآه "ماستيم" يتصدر
المجاهدين الداخلين إلى القسطل.
حدث بين هذا الرجل وبين جامعة الدول العربية حوار تاريخي.. كان فيه:
- - أنا ذاهب لتحرير القسطل.. وسأقتحمها وأحررها ولو كان في هذا
موتي.. ونريد منكم تزويدنا بالسلاح المخزَّن لديكم.
- لقد عهدنا بموضوع فلسطين إلى لجنة عسكرية خاصة ستهتم باألمر
بعد خروج البريطانيين منها في 15 مايو.
- لو أنكم انتظرتم حتى 15 مايو ستحتاجون إلى عشر أضعاف ما
ستحتاجونه الآن.
- نحن ال ندعم العمليات الفردية.
- نحن أحق بالسلاح المخزَّن من تلك المزابل التي تخزنوه فيها.. إن
التاريخ سيتهمكم بإضاعة فلسطين وتذكروا أن التاريخ لا يرحم أحدًا..
وأنني سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم.

- كفاك كلامًا سخيفًا.. نحن لدينا العتاد والسلاح لكننا لن نعطيه لك..
وإنما سننتظر 15 مايو.
رمى "عبد القادر الحسيني" في وجوههم دبارة كانت في يده وقال :
- أنتم تخونون فلسطين.. أنتم تريدون قتلنا وذبحنا.
رآه "ماستيم" يدخل إلى القسطل ومعه نفر من جنوده.. وتمت محاصرته من قبل
جيش الهاجانا حصارًا شديدًا.. ووجدت في آخر اليوم جثته ملقاة بجانب أحد
المنازل في القسطل.. طار "ماستيم" فوق جثته ونظر له نظرة هازئة.. وسقطت
من قناع "ماستيم" قطعة من الذقن.. لتكشف وراءها ظُلمة شيطانية لا تتبين
معالمها جيدًا.
في فجر اليوم التالي كان "ماستيم" يطير فوق قرية مجاورة لقرية القسطل..
قرية تدعى دير ياسين.. وفجأة هجمت عليها قوات الإيرجون والشتيرن من ثلاثة
جهات.. في البداية استخدموا مكبّرات الصوت والكشافات.. كانوا يطلبون من
جميع السكان إخلاء القرية فورًا.. فوجئوا بإطلاق نار من بين مساكن القرية..
طار "ماستيم" إلى حيث مصدر الطلقات فوجد شباب القرية قد اجتمعوا وتسلّحوا
ووقفوا أمام مساكنهم يحمونها بأرواحهم.. لكن طلقاتهم هذه استفزت
العصابات اليهودية التي تخلت عن الكشافات وتخلت عن الميكروفونات
وأمسكت بالمدافع الرشاشة وهجمت على القرية في أعداد كثيرة كأنها النمل.
ارتكب اليهود في دير ياسين أبشع شيء تم ارتكابه منذ أن دخلوا إلى فلسطين
أول مرة.. وكان قائدهم هو "مناحم بيجن".. تابعهم "ماستيم" الذي توسعت
تشققات "قناعه الأبيض حتى كاد أن يسقط من على وجهه.. رأى "ماستيم"
الجنود يطلقون أحزمة النار من مدافعهم الرشاشة فتحصد أجسادًا وراءها
أجساد.. تحصد أطفالًا وتحصد نساءً.. ورآهم وهم يرمون القنابل إلى داخل





  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 03:44 PM   #56

افتراضي

المنازل فتنجر فلتقي حولها أشلاء عائلات كلماة كانت تختبيء وراء ذلك الدولاب
أو ذاك.
رأى جنودًا يمسكون برجل وامرأته فيصفعونه حتى يسقط أرضًا ويبطحون
زوجته على الأرض فيقعون عليها كما تقع البهائم وطفلتها الصغيرة لا تدري
أتنظر إلى أبيها الذي يلفظ نفسه الأخير أم إلى أمها التي تصرخ وكأن أحدهم
سوف يسمع صراخها.. سقط جزءٌ آخر من قناع "ماستيم".. الذي كان لا يزال
يتابع تلك المجزرة التي تحدث في هذه القرية في كل شعب من شعابها..
وهاهي العصابات اليهودية قد أوقفت عشرين شابًا من شباب القرية إلى جدار
يضعون عليه وجوههم وأكفهم.. ثم أفرغت طلقاتها في أجسادهم
فتساقطوا متكومين على بعضهم البعض.. وهاهم يحاصرون فرًان القرية
الذي كان قبل الفجر قد أشعل الفرن مجهَّزًا للخبز.. ولما دخلوا القرية بعد الفجر
حاصروه في فرنه.. ثم أمسكوا به وألقوا به إلى داخل فرنه ليحترق بالداخل حيًّا..
وهنا سقط قناع "ماستيم" وانكشفت الظلمة التي تختبىء وراءه.
لم يعد هناك قناع.. كانت رأسه جمجمة شيطانية ذات نظرة ساخرة تميز
الجماجم الشيطانية.. وعلى جبينه محفورة نجمة داوود.. وعباءته لازالت تتطاير..
وأصبح له صوت شيطاني صارخ يشبه أكثر ما يشبه أصوات صراخ الديناصورات
الكبيرة.. ثم طار إلى مشهدٍ آخر.. رأى فيه مجموعة من اليهود يمسكون
بمجموعة من النساء والأطفال فيلقونهم في أحد آبار القرية ويلقون عليهم
وقودًا ويشعلون فيه نارًا فتشب النار من فوهة البئر وتلقي بشررها حوله حتى
يتراجع الجميع واضعين أذرعهم على وجوههم.. ويبدو "ماستيم" من وراء
النار.. شيطان يهودي كما يجب أن تكون الشياطين.
وانتهت مذبحة دير ياسين بعد ثلاثة أيام.. قُتِلَ فيها ثلث سكان القرية.. وهرب
الباقين إلى القرى المجاورة.. وهرب سكان القرى المجاورة لما رأوهم إلى
القرى المجاورة.. وهرب أولئك بدورهم.. وأصبح الفلسطينيون يهربون من


قراهم خوفًا من العصابات اليهودية.. وترددت صرخة "ماستيم" الشيطانية في
الأجواء.
كان مشهد الأهالي الفلسطينيين محزنًا جدًّا وهم يغادرون قراهم في طابور
طويل بعضهم مشيًا على الأقدام يحملون متاعهم وبعضهم على شاحنات
يحملون فوقها أثاثهم وألحفتهم وأمتعتهم.. يسافرون إلى حيث لا يدرون
لأنفسهم مسكنًا ولا مأوى.. والأكثر حزنًا أن ترى "ماستيم" وجمجمته الشيطانية
الساخرة تنظر إلى هذا كله.. وأظفاره الطويلة تتحرك بالتتالي تعبيرًا عن السعادة
الجمة.. فهؤلاء يتركون ديارهم وأرضهم ليعيش فيها يهود.. يهود قدموا
من كافة أنحاء العالم.. يهود طردهم كل العالم.. وحُكم على هؤلاء
الفلسطينيين وحدهم أن يدفعوا الثمن.
بدأ اليهود ينظرون إلى يافا.. ويعدون العدة لاقتحامها وطرد أهلها كما فعلوا
مع بقية المدن.. وكان من قوَّاد جيش الهاجانا رجل يدعى "موشي ديان".. رجل
ذو عصابة سوداء على عينه اليسرى.. وكان يستعد لاقتحام يافا بخطة متميزة..
لكن "ماستيم" ترك هذه الاستعدادات وطار ليشاهد أمرًا لفت نظره.. كانت
هناك فتاة فاتنة تجاهد لعبور الأسلاك الشائكة التي تفصل بين المنطقتين
العربية والصهيونية.. كان "ماستيم" يتابع تلك الفتاة وهي خارجة من بيتها في
مستعمرة بيتام جنوبي يافا.. حيث توجهت متسللة بحرص على ألا يراها أحد حتى
وصلت إلى الأسلاك الشائكة الموضوعة بطريقة معقَّدة.. وقد تمكنت بعد عناء
من اجتياز الأسلاك بعد أن جرحت ساقها جرحًا بليغًا جدًّا.. وجرت نفسها جرًّا
داخلة إلى يافا في وقت يسبق أذان الفجر بحوالي ساعة.. الغريب أنها كانت
تمشي وهي تعرف تحديدًا إلى أين تذهب.. ولم يمضِ وقتٌ طويل إلا وهي واقفة
أمام أحد المنازل تدق بابها وساقها تنزف من تحتها ولم تعد قادة على حملها.
ما لفت نظر "ماستيم" هو أن هذه الفتاة الفاتنة كانت هي "راشيل ديان" ابنة أخ
"موشي ديان".. وبدت ملامح جمجمته الشيطانية متوجسة شرًّا.. فُتِح باب المنزل

الذي كانت تقف أمامه "راشيل".. لتبدو من داخل المنزل فتاة جميلة أخرى.. ما إن
رأت "راشيل" حتى انكبت عليها تحتضنها وتصرخ فيها سائلة عما حلَّ بها.. ثم
أدخلتها.. كانت تلك الفتاة الأخرى فتاة فلسطينية تدعى "مهيبة خورشيد"..
إحدى الناشطات السياسيات الفلسطينيات.. وكانت قد انعقدت بينها وبين "راشيل"
صداقة عجيبة.. فبرغم أن "راشيل" يهودية إلا أنها ترفض الصهيونية رفضًا
قاطعًا وترفض توجهاتها.. ويبدو أن قُرب "راشيل" من "موشي ديان" قد جعلها
تطلع على خطة الهاجانا لاقتحام يافا.. ويبدو أنها خاطرت بنفسها وجاءت إلى
"مهيبة" لتحذرها من هذا الاقتحام حتى يأخذ أهل يافا حذرهم.
كانت ملامح "ماستيم" تبدو غاضبة جدًّا.. كان يعتبر ما تفعله "راشيل" هو خيانة..
لكن ما فاجأه حقًّا هو ما حدث في اليوم التالي.. أثناء اقتحام العصابات
الإسرائيلية ليافا.. نظر "ماستيم" غير مصدق ما يراه بمحجري عينيه العظميتين..
لقد كانت هناك فرقة مسلَّحة.. فرقة مسلَّحة نسائية فلسطينية.. فرقة نسائية
ترأسها "مهيبة خورشيد".. التي بدت وكأنها فارسة أسطورية وهي تحمل
مدفعًا رشاشًا وتضع على رأسها حجابًا وترتدي ملابس شِبه عسكرية.. ووراءها
فرقة نسائية مسلحة.
نسى "ماستيم" ما يحدث في يافا وظل يتابع تلك الفرقة التي كانت تحارب
الهاجانا فعليًّا بكل قوتها.. لكنه أسقط في يده لما رأى "راشيل ديان" تخرج من
المنزل ببندقية في يدها وتنقذ إحدى المسلحات من الفرقة في اللحظة الأخيرة..
وأصبحت "راشيل" ومهيبة في الميدان كتفًا إلى كتف.. إحداهما مسلمة..
والأخرى يهودية.. يحاربان قوات صهيون.. ويبدو أنهما قد أبديا بسالة في هذه
الحرب أبقتهما على قيد الحياة حتى بعد أن تم احتلال يافا وطرد أهلها.. كانت
"راشيل" تخرج من البلدة إلى جانب صاحبتها "مهيبة" وقد وضعت "راشيل حجابًا
على رأسها كنوع من التنكر حتى لا يعرفها قومها.

وجاء اليوم الذي بدأت القوات البريطانية تخرج في طابور عسكري طويل من
فلسطين.. يشابه ذلك الطابور الذي دخلوا به إلى فلسطين أول مرة.. كانوا
خارجين منها بعد أن وضعوا شعبًا مكان شعب.. وأعزوا شعبًا وأذلوا شعبًا.. وبعد
خروجهم بدقائق فقط كان هناك احتفال صهيوني ما.. وصعد "ديفيد بن
غوريون" على المنصة وأخذ يقرأ على الناس بيان قيام دولة إسرائيل.. أو كما
يسمونه بيان الاستقلال.. والعجيب أنه لم يكن لهم وجود أصلًا في الدولة حتى
يستقلوا عنها.. كان "ماستيم" طائرًا فوق رأس "بن غوريون تمامًا.. وكان يبدو
واقفًا في الهواء بشموخ مربعًا يديه في مظهر قوي وعباءته تظلل على كل
حاضري الحفل.. وكان يستمع إلى بيان "بن غوريون" وهو يقول:
"لقد نشأ الشعب اليهودي في أرض فلسطين.. وفيها أقام دولة ذات سيادة..
وقد تم إجلاؤه عنها في ذات يوم مشؤوم.. لكن الشعب اليهودي لم ينسَ وهو
في مُهاجره أمل العودة إلى بلاده.. ولهذا بدأ الشعب اليهودي في العودة باآلاف
المؤلَّفة إلى أرض الميعاد.. أرضه التي طُرد منها قديمًا.. وها نحن الآن.. تلبية
لنداء المرحوم العظيم تيودور هرتزل صاحب فكرة الدولة اليهودية.. نقف هنا
ونعلن استقلالنا بدولة قائمة بذاتها ولغتها وجيشها"
"إن محرقة هتلر النازية التي حلَّت باليهود في الفترة الأخيرة والتي راح ضحيتها
الملايين من يهود أوروبا قد أثبتت للعالم ضرورة حل مشكلة الشعب اليهودي
المحروم من الوطن والأستقلال.. ولقد أعلنت الأمم المتحدة قرار إنشاء دولة
مستقلة لليهود على هذه الأرض.. واليوم نحن نعلن انتهاء اﻹنتداب البريطاني
وبحكم حقنا الطبيعي والتاريخي فنحن اليوم نعلن عن قيام دولة يهودية في
أرض إسرائيل.. وأن هذه الدولة اسمها إسرائيل.. وإننا نناشد الأمم المتحدة قبول
دولة إسرائيل في أسرة الأمم المتحدة"
تـمَّت
****





  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 04:15 PM   #57

افتراضي

يجب أن تتعلم يا صديقي أن اليهود شيءٌ والصهاينة شيءٌ آخر.. بل إن اليهود
يؤمنون أن دولة إسرائيل هي تعدي على مهمة المسيح المخلص.. أما الصهيونية
فهي سبط واحد من أسباط اليهود.. سبط شرير.. وقد بدأوا أول ما بدأوا مع "
هرتزل".. الذي استقى أفكاره من "ساباتاي زيفي".. والصهيونية هي أهم نجاح
خرج من عباءة الماسونية.. لأن من يصل للدرجة 33 منها يدخل رسميًا في السبط
الثالث عشر لبني إسرائيل.. السبط الشرير.. فلا تظن أن اليهود المنتشرين في
العالم مؤيدين للصهيونية.. بل إن بعضهم معارض لها وبشدة.. المشكلة
ليست في اليهود العاديين لأنهم يعارضون دولة إسرائيل.. إنما المشكلة هي
في أتباع المذهب البروتستانتي الذي يدعم احتلال اليهود لفلسطين.. أنا أتحدث
على مستوى الشعوب.. لكن على مستوى الحكام طبعًا فحُكَّام كل الدول
الكبرى يدعمون إسرائيل ويباركون خطواتها.
الماسونية لما جندت الصهيونية لاحتلال فلسطين كانت في الحقيقة تنفّذ حُلمًا
مهمًّا من أحلامها.. بناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى.. وقد وعدتك
في السابق أن أخبرك بالسبب الذي يريدون من أجله بناء الهيكل بهذه الحماسة
ويسعون لذلك عبر التاريخ.
إن كل شيء يعود لوعد في التوراة.. وعد الله اليهود أن ينزل عليهم في آخر
الزمان رجلًا من نسلهم.. يخلّصهم من شتاتهم ويحكم العالم كله بالعدل من
الأرض المقدسة في فلسطين.. ورغم أن الله حقق وعده لهم وأرسل لهم النبي
"عيسى" إلا أنهم كذّبوه.. ولما رأوه يموت على الصليب أمام أعينهم .. أيقنوا أنه
ليس هو المسيح المخلص الموعود.. ويهود العالم الآن ينتظرون نهاية الزمان
حتى ينزل الله عليهم هذا الرجل المخلص الذي هو ليس عيسى بل واحدًا آخر..
أي أنهم فقط ينتظرون.
لكن بعد أن تحالف الإنس والشياطين.. بعد أن أخرج نفر يهود من الإنس )فرسان
الهيكل( كتب السحر والعلوم الشيطانية من أسفل الحرم القدسي.. انقلب كل

شيء.. وبدأت فكرتهم تتغير.. ليس صحيحًا أن ننتظر المسيح المخلّص بل يجب
أن نسعى بكل جهدنا لينزل إلينا.. وهذا السعي هو باحتلال فلسطين احتلالًا
كاملًا.. فخرجت الحروب الصيبية وبدأت الحرب الشعواء للوصول إلى فلسطين.
وبعد أن غيَّر فرسان الهيكل اسمهم إلى الماسونية وانتهت الحروب الصليبية
وصارت الدولة العثمانية قوة رهيبة لا يُستهَان بها.. كانت مهمة الماسونية
شديدة الصعوبة للوصول إلى فلسطين.. فاليهود أيامها كانوا مضطهدين في
كافة أنحاء العالم ومطرودين.
كانت الخطوة الأولى أن يعود اليهود إلى البلاد التي طُرِدوا منها.. ليس فقط
يعودوا.. بل أن يتحكّموا بتلك الدول.. عن طريق المال.. وقد نجحوا في ذلك
وأشعلوا ثورات متعددة في أوروبا تنتهي كل دولة بأن تكون عبدة لليهود
مديونة لهم.
ثم كانت الخطوة الثانية.. إنشاء دولة أمريكا الكبيرة المليئة بالخيرات.. ورغم أن
كل رؤساء أمريكا وزعمائها كانوا ماسونيين إلا أنه كان يلزم أيضًا تحويل عقائد
الشعوب لتكون متعاطفة مع اليهود.. وهو ما حدث لما أخرجت الماسونية من
عباءتها المذهب البروتستانتي الذي يؤمن بضرورة احتلال اليهود لفلسطين.
الخطوة الثالثة كانت إسقاط الدولة العثمانية الكبيرة وإدخال اليهود إلى فلسطين
ثم عمل لهم دولة فيها.. وهو ما نجحوا فيه نجاحًا منقطع النظير.. فبعد أن
امتلك اليهود نصف فلسطين في 1948 ..بدأوا يتوسعون خلال السنين ويغيرون
على األراضي المقسومة للعرب حتى استولوا على 85 % من فلسطين وتركوا
للعرب 15 %فقط.. وهذه الـ 15 %موزعة على كتلتين متباعدتين كجزيرتين في
بحر من اليهود.. إحدى الكتلتين هي كتلة صغيرة تدعى قطاع غزة.. والكتلة
الثانية أكبر من الأولى وتدعى الضفة الغربية وفيها القدس.. ولازالت دولة
إسرائيل حاليًا تغيِّر على غزة كل حين وتغير على الضفة الغربية لتأكل مزيدًا من
الأرض.

لم يعد باقيًا لهم الآن إلا احتلال الجزء المتبقي وهدم المسجد الأقصى.. والذي
لا تعرفه أنهم قد حفروا الكثير من الأنفاق تحت أساسات المسجد الأقصى.. ولو
حدث زلزال بسيط أو أمطار غزيرة لانهدم جزءٌ كبيرٌ من المسجد.
ربما ستسألني ما الذي يمكن لنا أن نفعل في مواجهة كل هذه األسماء
المخيفة.. الماسونية.. الصهيونية.. وهذا أهم سؤال قد تسأله لي منذ بداية
جلساتنا.. إن كل هذه الأسماء ياصديقي هي أسماء من ورق.. وليس أي ورق بل
ورق المزابل الذي لا قيمة له.. لما كُنَّا أمة واحدة تحت قيادة مخلصة واحدة لم
يكن لأمثال هذه المزابل أن تفعل شيئًا.. ولعلك لمست بنفسك هذا الأمر من
حكاية "ماستيم".. بل كانوا يتذللون لنا.. ما الذي تتبعه كل هذه الأسماء التي
تبدو مخيفة؟ تتبع "لوسيفر".. وما هو "لوسيفر" هذا.. شيطان.. ولا يخزي من
اتبع الشيطان إلا من اتبع من خلق الشيطان.. الله.. وهكذا كنا في السابق.. حتى
نجح هؤلاء في تقسيمنا.
قسمونا إلى بضع وعشرين دولة.. كل دولة تكره جارتها.. زرعوا بيننا القومية..
المصري والسعودي والخليجي والمغربي.. كلهم لديه نعرة مزروعة بداخله
تجاه دولته.. فلا يتشرف المصري أن يكون سعوديًّا ولا يتشرف السعودي أن
يصير مغربيًّا.. غير عالمين أنهم كلهم أصلًا عرب ولم يكن بينهم في تاريخهم
الطويل هذه اللمسات القومية.. فكلها مزروعة حديثًا ولا أصل لها.
ماذا نفعل؟ لن أنادي بأمور مستحيلة.. بل سأنادي بأمور عادية جدًّا.. حتى نقيم
لأنفسنا وزنًا بين الأمم يجب أن نتجه إلى الاتجاه المعاكس لما يريدوننا أن نتجه
إليه.. في البداية وحدوا عملتكم أيها العرب كما وحدت أوروبا عملتها.. ألغوا
بينكم وبين بعضكم الحدود.. فيلتحرك العرب داخل العالم العربي بلا تأشيرات..
وقد فعلوها أيضًا في أوروبا.. وهم بينهم ما بينهم في التاريخ من حروب
ونزاعات.. بل إن الحربين العالميتين كانت أصلًا بين أمم أوروبا.. وبرغم هذا
فعلوها.. أما العرب فليست بينهم أي نزاعات تاريخية.. فقط نعرة قومية





  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 04:15 PM   #58

افتراضي

يجب أن تتعلم يا صديقي أن اليهود شيءٌ والصهاينة شيءٌ آخر.. بل إن اليهود
يؤمنون أن دولة إسرائيل هي تعدي على مهمة المسيح المخلص.. أما الصهيونية
فهي سبط واحد من أسباط اليهود.. سبط شرير.. وقد بدأوا أول ما بدأوا مع "
هرتزل".. الذي استقى أفكاره من "ساباتاي زيفي".. والصهيونية هي أهم نجاح
خرج من عباءة الماسونية.. لأن من يصل للدرجة 33 منها يدخل رسميًا في السبط
الثالث عشر لبني إسرائيل.. السبط الشرير.. فلا تظن أن اليهود المنتشرين في
العالم مؤيدين للصهيونية.. بل إن بعضهم معارض لها وبشدة.. المشكلة
ليست في اليهود العاديين لأنهم يعارضون دولة إسرائيل.. إنما المشكلة هي
في أتباع المذهب البروتستانتي الذي يدعم احتلال اليهود لفلسطين.. أنا أتحدث
على مستوى الشعوب.. لكن على مستوى الحكام طبعًا فحُكَّام كل الدول
الكبرى يدعمون إسرائيل ويباركون خطواتها.
الماسونية لما جندت الصهيونية لاحتلال فلسطين كانت في الحقيقة تنفّذ حُلمًا
مهمًّا من أحلامها.. بناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى.. وقد وعدتك
في السابق أن أخبرك بالسبب الذي يريدون من أجله بناء الهيكل بهذه الحماسة
ويسعون لذلك عبر التاريخ.
إن كل شيء يعود لوعد في التوراة.. وعد الله اليهود أن ينزل عليهم في آخر
الزمان رجلًا من نسلهم.. يخلّصهم من شتاتهم ويحكم العالم كله بالعدل من
الأرض المقدسة في فلسطين.. ورغم أن الله حقق وعده لهم وأرسل لهم النبي
"عيسى" إلا أنهم كذّبوه.. ولما رأوه يموت على الصليب أمام أعينهم .. أيقنوا أنه
ليس هو المسيح المخلص الموعود.. ويهود العالم الآن ينتظرون نهاية الزمان
حتى ينزل الله عليهم هذا الرجل المخلص الذي هو ليس عيسى بل واحدًا آخر..
أي أنهم فقط ينتظرون.
لكن بعد أن تحالف الإنس والشياطين.. بعد أن أخرج نفر يهود من الإنس )فرسان
الهيكل( كتب السحر والعلوم الشيطانية من أسفل الحرم القدسي.. انقلب كل

شيء.. وبدأت فكرتهم تتغير.. ليس صحيحًا أن ننتظر المسيح المخلّص بل يجب
أن نسعى بكل جهدنا لينزل إلينا.. وهذا السعي هو باحتلال فلسطين احتلالًا
كاملًا.. فخرجت الحروب الصيبية وبدأت الحرب الشعواء للوصول إلى فلسطين.
وبعد أن غيَّر فرسان الهيكل اسمهم إلى الماسونية وانتهت الحروب الصليبية
وصارت الدولة العثمانية قوة رهيبة لا يُستهَان بها.. كانت مهمة الماسونية
شديدة الصعوبة للوصول إلى فلسطين.. فاليهود أيامها كانوا مضطهدين في
كافة أنحاء العالم ومطرودين.
كانت الخطوة الأولى أن يعود اليهود إلى البلاد التي طُرِدوا منها.. ليس فقط
يعودوا.. بل أن يتحكّموا بتلك الدول.. عن طريق المال.. وقد نجحوا في ذلك
وأشعلوا ثورات متعددة في أوروبا تنتهي كل دولة بأن تكون عبدة لليهود
مديونة لهم.
ثم كانت الخطوة الثانية.. إنشاء دولة أمريكا الكبيرة المليئة بالخيرات.. ورغم أن
كل رؤساء أمريكا وزعمائها كانوا ماسونيين إلا أنه كان يلزم أيضًا تحويل عقائد
الشعوب لتكون متعاطفة مع اليهود.. وهو ما حدث لما أخرجت الماسونية من
عباءتها المذهب البروتستانتي الذي يؤمن بضرورة احتلال اليهود لفلسطين.
الخطوة الثالثة كانت إسقاط الدولة العثمانية الكبيرة وإدخال اليهود إلى فلسطين
ثم عمل لهم دولة فيها.. وهو ما نجحوا فيه نجاحًا منقطع النظير.. فبعد أن
امتلك اليهود نصف فلسطين في 1948 ..بدأوا يتوسعون خلال السنين ويغيرون
على األراضي المقسومة للعرب حتى استولوا على 85 % من فلسطين وتركوا
للعرب 15 %فقط.. وهذه الـ 15 %موزعة على كتلتين متباعدتين كجزيرتين في
بحر من اليهود.. إحدى الكتلتين هي كتلة صغيرة تدعى قطاع غزة.. والكتلة
الثانية أكبر من الأولى وتدعى الضفة الغربية وفيها القدس.. ولازالت دولة
إسرائيل حاليًا تغيِّر على غزة كل حين وتغير على الضفة الغربية لتأكل مزيدًا من
الأرض.

لم يعد باقيًا لهم الآن إلا احتلال الجزء المتبقي وهدم المسجد الأقصى.. والذي
لا تعرفه أنهم قد حفروا الكثير من الأنفاق تحت أساسات المسجد الأقصى.. ولو
حدث زلزال بسيط أو أمطار غزيرة لانهدم جزءٌ كبيرٌ من المسجد.
ربما ستسألني ما الذي يمكن لنا أن نفعل في مواجهة كل هذه األسماء
المخيفة.. الماسونية.. الصهيونية.. وهذا أهم سؤال قد تسأله لي منذ بداية
جلساتنا.. إن كل هذه الأسماء ياصديقي هي أسماء من ورق.. وليس أي ورق بل
ورق المزابل الذي لا قيمة له.. لما كُنَّا أمة واحدة تحت قيادة مخلصة واحدة لم
يكن لأمثال هذه المزابل أن تفعل شيئًا.. ولعلك لمست بنفسك هذا الأمر من
حكاية "ماستيم".. بل كانوا يتذللون لنا.. ما الذي تتبعه كل هذه الأسماء التي
تبدو مخيفة؟ تتبع "لوسيفر".. وما هو "لوسيفر" هذا.. شيطان.. ولا يخزي من
اتبع الشيطان إلا من اتبع من خلق الشيطان.. الله.. وهكذا كنا في السابق.. حتى
نجح هؤلاء في تقسيمنا.
قسمونا إلى بضع وعشرين دولة.. كل دولة تكره جارتها.. زرعوا بيننا القومية..
المصري والسعودي والخليجي والمغربي.. كلهم لديه نعرة مزروعة بداخله
تجاه دولته.. فلا يتشرف المصري أن يكون سعوديًّا ولا يتشرف السعودي أن
يصير مغربيًّا.. غير عالمين أنهم كلهم أصلًا عرب ولم يكن بينهم في تاريخهم
الطويل هذه اللمسات القومية.. فكلها مزروعة حديثًا ولا أصل لها.
ماذا نفعل؟ لن أنادي بأمور مستحيلة.. بل سأنادي بأمور عادية جدًّا.. حتى نقيم
لأنفسنا وزنًا بين الأمم يجب أن نتجه إلى الاتجاه المعاكس لما يريدوننا أن نتجه
إليه.. في البداية وحدوا عملتكم أيها العرب كما وحدت أوروبا عملتها.. ألغوا
بينكم وبين بعضكم الحدود.. فيلتحرك العرب داخل العالم العربي بلا تأشيرات..
وقد فعلوها أيضًا في أوروبا.. وهم بينهم ما بينهم في التاريخ من حروب
ونزاعات.. بل إن الحربين العالميتين كانت أصلًا بين أمم أوروبا.. وبرغم هذا
فعلوها.. أما العرب فليست بينهم أي نزاعات تاريخية.. فقط نعرة قومية





  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 04:30 PM   #59

افتراضي

مزروعة يمكن أن يمسك بها العربي في دقائق ويلقيها خارجه في أقرب
قمامة.. ماذا أيضًا؟ ماذا عن توحيد الجيش؟ هل يبدو هذا مستحيلًا؟ ألم يكن
موحدًا قبل مئة سنة؟ لن أطيل في الأمر.. أنا فقط أفتح عقلك حتى تفهم ما أريد
لك أن تفهمه.
نعود إلى سياقنا.. بالنسبة للمحرقة التي يدعي اليهود أن "هتلر" قد أقامها في
حقهم وهي ما يسمونه "الهولوكوست" وجعلوا لها عيدًا سنويًّا يتذكرونها
فيه.. والتي يحاكِمون كل من ينكر حدوثها فها أنا ذا أقولها وبأعلى صوتي..
المحرقة التي تدعون أنها حدثت هي أكذوبة اتخذتموها ذريعة قذرة لتشعروا
العالم أنكم شعب مضطهد وأنه لابد لكم من أرض تحتويكم بعد كل هذا
الاضطهاد.. ادعيتم أن "هتلر" قتل منكم في الهولوكوست 12 مليونا بينما كان
عددكم أصلا في أوروبا كلها ثمانية ملايين.. فقلصتم هذا العدد ليصبح ستة
ملايين.. والحقيقة التي تحاولون إخفاءها هي أن من كان في السجون الألمانية
من اليهود لا يتجاوز العشرين ألفَا.. نصفهم وجدوا أحياء.
أما ما قام اليهود به في فلسطين وماقام الصليبيون به في الحملة الصليبية
الأولى والملايين التي أبادها الأمريكان من الهنود الحمر.. وتدمير هيروشيما
وناجازاكي بالقنابل النووية؟ هذا كله لا قيمة له.. لأنهم ببساطة شعوب غير
يهودية.. حيوانات أو كما يقول التلمود.. غوييم.. وإني أتعجب حقا.. فيما يخص
أمريكا مثال.. كيف يكون تفجير برجين أمريكيين هو قمة الإرهاب بينما تفجير
وإبادة مدينتين كاملتين برجالهما ونسائهما وأطفالهما وشيوخهما ليس إرهابا؟
أتحدث عن هيروشيما وناجازاكي طبعًا.. وأتذكر كيف كان الأمريكان يكتبون
إهداءاتهم على القنبلتين قبل إلقائهما.
كل من ذكر اليهود ومحرقتهم بكلمة يحاكمونه بدعوى أنه معاد للسامية..
والسامية هي الانتساب إلى "سام" ابن نوح.. ما يثير الأعصاب في الموضوع هو

أن العرب من نسل "سام" أيضًا.. وكثير من الأمم الأخرى.. لكنهم استبعدوا كل
الأمم من النسل وأبقوا نسلهم هم فقط.. اليهود.
وإني قد ذكرت اسم الأمم المتحدة في هذه الحكاية.. وإني أقول لك إن هناك
شيئًا يدعى "حق الفيتو".. خمس دول هي أمريكا وروسيا وبريطانيا والصين
وفرنسا.. من حقهم أن يعترضوا على أي قرار تتخذه الأمم المتحدة.. ولو أن
واحدة فقط من هذه الدول اعترضت على القرار.. يوقف تنفيذ القرار فورًا وإن
كانت كل دول العالم موافقة.. وأمريكا تستخدم دائمًا هذا الحق لوقف أي قرار
يتخذ ضد دولة إسرائيل.. وبالمناسبة كل دول العالم لابد أن تكون عضوًا في
الأمم المتحدة وإذا رفضت سيتم اتخاذ إجراءات ضدها.
وهناك كلمة للنبي العظيم "محمد" يقول فيها "تتداعى عليكم الأمم كما تداعى
الأكلة إلى قصعتها".. وكأني لما أرى الطاولة المستديرة للأمم المتحدة وجلوس
ممثلي الأمم عليها يفرزون قرارات ضد العرب.. كأني أتذكر هذا الحديث دون
غيره.
في النهاية أود أن أحذّرك من كثيرٍ جدًّا من المقاطع والأحاديث المنشورة على
الانترنت التي تخص الماسونية.. فمن ينشرونها هم الماسونيون أنفسهم.. في
الزمن السابق كان كل هم الماسونية هي ألا تصل المعلومات إلى الناس.. أما
الآن في عصرنا هذا لم يعد الكتم أو إخفاء المعلومات مناسبًا أو ممكنًا.. لشيوع
وسائل الإعلام والانترنت واستحالة السيطرة على ما يبث من معلومات فأصبحت
وسيلة التضليل الحديثة هي ما يدعى بالغطرسة.. بمعنى إشاعة مقاطع كثيرة
وكبيرة وفيوضات من المعلومات كلها معلومات سطحية تستهلك الأذهان
ويخرج منها المشاهد شاعرا بسخافة الأمر كله وأن الموضوع وضعه شخص
مريض مهووس بنظرية المؤامرة.. لا تقرأ عن الماسونية في أي مكان إلا بعد
أن تقرأ كتابي هذا أولا.. عندها ستعرف أين يجب أن تقرأ.. ولا تقلق.. فأي

معلومة مذكورة في هذا الكتاب تحاول التحقق منها ستجدها صحيحة.. ولن
تجدني أكذب عليك.
وتحضرني كلمة لـ "جورج بوش" يقول فيها "دعونا لا ندع تلك النظريات عن
المؤامرة تخدعنا.. لأنها ما وضعت إلا لرفع الملامة عن الإرهابيين الحقيقيين"..
وشيء جيد أنه قال هذا فهناك قاعدة مسلَّم بها أريدك أن تحفظها كما تحفظ
عينيك في محجريهما.. قاعدة تقول "لا تصدق الشيء إلا إذا تم إنكاره رسميًّا"
فلو لم يكن بوش قالها لم نكن لنصدقها.. أتمنى أن تكون قد فهمتني.. فإن
لم تفهم أعد قراءة الجملة مرارًا.
أحيانًا يُخرجون الإشاعات أن فلانا قتله الماسون وعلّانا قتله الماسون رغم أنهم
أناس عاديون وماتوا بطريقة عادية مثل حادث سيارة أو خلافه.. لكن إشاعتهم
لهذا النمط من الفيديوهات السخيفة يجعل الناس تغض النظر لما يتم إسكات
أحد المشاهير من قبل الماسون فعلًا.
وحتى لا يختلط الأمر عليك فبعيدًا عن الزعماء السياسيين.. فالماسون يقتلون
شخصيات أخرى ذات تأثير ونفوذ وجمهور.. فقط لأن هذه الشخصيات قررت أن
تسبح ضد التيار.. ومن أشهر الشخصيات التي قتلوها "بوب مارلي" و"مايكل
جاكسون" و"توباك".. لأن كلًّا منهم اتخذ الغناء كوسيلة لإيصال رسالة هادفة
للناس.. وليس مشكلة الماسون أنها رسالة هادفة ولكن مشكلتهم أنها رسالة
تحمل في كثير من طياتها هجوما صريحًا عليهم شخصيًّا وعلى أهدافهم..
وكل من المغنيين الثلاثة لديه جمهور عاشق بالملايين.. فلابد إذن أن يتم إسكاته
إلى الأبد حتى يبقى النائمون في سباتهم العميق.
الآن أنت فهمت أن كل ما فعلته الماسونية والصهيونية كان لبناء هيكل سليمان
ليستعجلوا نزول المسيح المخلص.. لكن ألا ترى الأمر غريبًا نوعًا ما؟ أن يكون
هدف الماسونية هدفًا دينيًّا هو أن يُنزل الله عليهم المسيح المخلص؟ وهم أصلًا
لا يعترفون بالله بل إنهم يحرقونه كل سنة في الغابة البوهيمية؟ أليس الإله

الذي يعبدونه هو "لوسيفر"؟ كيف يتفق هذا مع نزول المسيح المخلص ونبوءة
التوراة؟
لا تتعجل الإجابة.. فأنت على وَشَك أن تعرف.. وأنا على وَشَك أن أموت.. فلم يتبقَ
إلا شيطانان من الشياطين السبعة.. والطريف في الموضوع أن الشيطان السادس
ليس شيطانًا ذَكر.. بل شيطانة أنثى..
دعنا نلقي نظرة على الأوراق التي ستكشف هذه الحكاية.. لدينا ست ورقات..
الورقة الاولى هي ورقة دودة الإنترنت المتوحشة وعليها صورة امرأة تجلس
أمام جهاز الكمبيوتر الذي تخرج منه دودة خضراء متوحشة بشعة لها رأس
هرمي الشكل في أعلاه عين واحدة..
الورقة الثانية هي ورقة مدينة السيليكون.. وعليها صورة شرائح سيليكون
مصوَّرة بشكل رقمي..
الورقة الثالثة هي ورقة أمان الكمبيوتر.. وعليها صورة فتاة مقنعة بقناع أسود
وملابس سوداء.. يخرج من رأسها ما يشبه الخراطيم تنتشر حولها في كل
مكان..
الورقة الرابعة هي ورقة الهاكرز.. وعليها صورة رجل يجلس على جهاز
الكمبيوتر ويضحك ضحكة خبيثة شبيهة بضحكة الجوكر..
الورقة الأخيرة هي ورقة شركات الهاتف.. وعليها صورة موظفة في شركة
هاتف تضع سماعتين على أذنيها توصلهما إلى أسلاك كثيرة تسمع منها ما
يبدو وكأنه مكالمات المشتركين.
أوراق قد تبدو غريبة نوعًا ما ونحن نتحدث عن شيطانة.. لكن ليس علينا إلا أن
نتابع..
***





  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2020, 04:56 PM   #60

افتراضي

ألم يَئِنْ الأوان ياسيدي؟
1950 بعد الميلاد – تاريخ قراءتك لهذه السطور



هذه رسالة ترسلها شيطانة تدعى "سباي" عبر الأثير.. إلى مجهول.. على شبكة
مجهولة.. بتردد مجهول..
سيدي قد طال الأمد.. قلوبنا وحواسنا وأرواحنا اشتاقت إليك.. حان الوقت يا
سيدي.. لقد صار كل شيء كما أردته أن يصير.. فعلنا كل ما علمتنا أن نفعله يا
سيدي.. ونجحنا.. لقد نجحنا يا عظيمنا ويا كبيرنا.. نجحنا ولم يعد أمامنا إال أن
نراك.. لم يبقَ إلا أن تُطفىء نار الشوق في قلوب ذابت من قسوة الانتظار.. دهورًا
وراءها دهور.. ألم يئن الأوان ياسيدي؟
كل شيء أمرتنا أن نفعله فعلناه كما أمرت.. أنا أذكر كل تعاليمك بحذافيرها..
إن علمك ليس له أي حدود.. أذكر كيف كان البشر في الحرب العالمية الثانية قد
اخترعوا جهازًا ضخمًا بحجم عدة غرف وسموه "الإينياك".. أذكر ياسيدي كيف
علمتنا أن هؤلاء البشر حمقى وأمرتنا أن نقدم إليهم جهازهم البشع الضخم
هذا في شريحة من السيليكون لا يتجاوز حجمها حجم الأنملة شريحة سموها
المعالج أو الـ Processor ..أذكر سعادتهم وهم يظنون أن ما حدث كان من
بنات أفكارهم.. وكيف تمكَّنوا لأول مرة في حياتهم من صنع جهاز ذكي بحجم
التلفاز .. جهاز سموه الكمبيوتر.
كانوا يستخدمون الكمبيوتر في شركاتهم وحساباتهم الغبية العديمة الفائدة..
ثم أمرتنا ياسيدي فنفذنا أمرك.. وعلمتنا ياسيدي فطبقنا علمك.. أمرتنا أن نُدخل
الكمبيوتر في كل بيت من بيوت العالم.. وعلمتنا كيف نفعل ذلك بتطوير برامج
ذات واجهة تفاعلية جذَّابة.. برامج علمتنا أن نسميها "ويندوز".. لتكون كما يوحي
اسمها.. نافذة من نوافذ البيت.. نافذة إلى الداخل وليس إلى الخارج.. وبرامج
أخرى علمتنا أن نسميها ماكينتوش.. وهو اسم مقتبس من عائلة اسكتلندية
تحمل نفس الاسم. . وهو يعني بالاسكتلندية "ابن الزعيم".. وهو اسم يدل عليك
بدقة.. فأنت زعيمنا.. وابن زعيمنا.

يالسعة علمك. . ويالعظمة نورك ياسيدي.. إن الكمبيوتر داخل كل بيت كان
مخزنًا يضع عليه المرء وثائقه وصوره وفيديوهاته.. وعلى المستوى العسكري
كان نقل المعلومة من كمبيوتر في بلدٍ ما إلى كمبيوتر آخر في بلد أخرى يتم
يدويًّا.. فتفضلت علينا ياسيدي وعلمتنا أن نعلمهم كيف يمكنهم أن يوصلوا بين
عدة كمبيوترات بأسلاك تليفونية.. وبهذا صَنعت وزارة الدفاع الأمريكية (داربا)
أول شبكة لنقل المعلومات العسكرية وسموها "أربانِت".. يظنون أنفسهم
أذكياء.. ولا يدرون أنك ياسيدي المعلم الأعظم.
كانت "أربانِت" توصل بين أربعة أجهزة في غرب أمريكا.. ثم أصبحت توصل بين
مئات الأجهزة داخل وخارج أمريكا.. أجهزة في مؤسسات عسكرية وجامعات..
لكن لاختلاف أنظمة الأجهزة بينها وبين بعضها وجد البشر الحمقى أنفسهم
عاجزين عن نقل المعلومات فيما يقرب من نصف الحالات.. وهنا أمرتنا ياسيدي
وعلمتنا أن نوحي إليهم من وحي علمك.. فأوحينا إليهم بلغة عالمية تفهمها
كل الأجهزة في جميع أنحاء العالم.. لغة سموها HTML ..وعلمناهم كيف
يعطون كل وثيقة يريدون نقلها أو أي صورة عنوانا يميزها.. عنوان سموه
.URL
وبهذا تمكنوا من نقل كل شيء من أي جهاز إلى أي جهاز آخر بسرعة عالية..
وأصبح يمكن لكمبيوتر في فرنسا أن يرى صورة موضوعة على كمبيوتر آخر
في أمريكا بمجرد أن يكتب عنوانها.. كان هذا فتحًا عظيمًا لحضارتهم..
وأصبحت الشبكة تضم مئات الآلاف من الأجهزة حول العالم ويمكن ألي شخص
الدخول عليها فور أن يوصل الكمبيوتر الخاص به بسلك التليفون.. سموا هذا
الفتح العظيم "الإنترنت".. والتي هي في الواقع حفيدة "أربانِت".
ساعتها عرفنا أن وقت الهزل قد انتهى.. ودخل وقت الجد.. بمجرد أن يوصل
الشخص جهازه بالإنترنت ويظهر له أن جهازه الآن متصل.. يتحدد موقعه لدينا
بمنتهى الدقة.. فنتدفق كالنهر إلى داخل جهازه ونبدأ في البحث عن وثائقه

الشخصية وصوره وملفاته الهامة وننقلها إلينا بدون أن يشعر.. ظننا أننا بهذا
قد وصلنا لكل ما نريد.. لكنك علمتنا أن هذا الشيء.. فأصغينا إليك في انبهارٍ
وأنت تشرح لنا ما ينبغي أن نفعل.. كم أنت عبقري يا سيدي.. كم أنت عبقري.
علمتنا كيف نقنع الشخص الداخل إلى الانترنت أن يثق في مواقع بعينها.. يودع
فيها مزيدًا من أسراره.. في البداية عرَّفنا له البريد اإللكتروني.. "هوتميل"
و"ياهوو".. وهو يدخل باسم مميز وكلمة سر.. فيهيؤ إليه أنه لا يطلع على بريده
أحدٌ غيره.. ولا يدري أن رسائله كلها واردها وصادرها تخزَّن لدينا.. نحن نطلع
على كل ما يَكتب ويُكتب له.. ولكنك علمتنا أن هذا اليزال غير كافٍ.. وأننا بحاجة
للمزيد.
عرفناه على برامج يستطيع بها أن يتحدث مع غيره في أي مكان في العالم..
برامج الرُسُل أو المسنجرز.. الـ MSN والياهوو و الـ ICQ والـ mIRC ..برامج
سموها برامج الشات.. أو الدردشة.. إن الواحد منهم كان يمضي جلَّ وقته على
برامج الشات هذه.. يتحدث ويتحدث بكالم تافه ال قيمة له.. لكنك علمتنا كيف
أن كل كلمة يقولها يجب أن تخزن.. ألن الكلمة تُستنبَط منها معلومة..
والمعلومة تعني زيادة في بنك المعلومات الذي لدينا عن هذا الشخص.. لقد
أحدثَت هذه البرامج طفرة عظيمة في قاعدة معلوماتنا.. فالناس أصبحوا
يتحدثون فيها أكثر مما يتحدثون بألسنتهم.. وكان هذا فيضًا لا ينتهي من
المعلومات.
وبدلًا من الشات الكتابي ابتكرنا الشات الصوتي والمرئي أيضًا.. وأدخلنا إلى
الساحة برامج مثل ICU2 وSkype ..فزاد الأقبال على شراء المايكروفوانات
والكاميرات بعد أن كانت ملقاة بإهمال في المتاجر.. وبالطبع فإن كل
محادثاتهم الصوتية والمرئية مخزَّنة لدينا.. ولكن الأدهى أننا بشرائهم لتلك
المايكروفونات والكاميرات زرعنا في بيت كل واحد منهم جهاز تنصت صوتي
ومرئي.. ولا يدري أحدهم أن أحاديثه في غرفته مسجلة لدينا وصورته في غرفته

مسجلة أيضًا.. فهذه الأجهزة مفتوحة على الدوام.. وألاحمق يظن أنه هو الذي
يفتحها ويغلقها متى يحلو له.
ثم أظهرنا للعالم موقعين سمينا أحدهما كتاب الوجه Facebook ..وسمينا
الآخر المغرد.. Twitter ..ومنهم عرفنا أصدقاءهم .. وأقاربهم.. ودرجة
قُربهم من أصدقائهم وأقاربهم.. وفيهما رأينا صورهم.. وعرفنا الأشخاص
والاشياء التي يحبونها والموسيقى والأفلام التي أحبوها والتوجهات السياسية
التي يتبعونها.. والمناسبات التي حضروها أو سيحضرونها.. أمكننا أن نكتب
تاريخهم وتاريخ مواقفهم ومشاعرهم.. نعم لقد كان الفيسبوك وتويتر فتحًا
عظيمًا.. وقد حدثت بهما الطفرة الثانية في قاعدة معلوماتنا التي اتسعت الان
اتساعًا رهيبًا.
ولما شعرنا أننا بحاجة لمزيد من الصور أنشأنا موقعًا خاصًا بها هو
Instagram ..فأصبحوا يرفعون عليه صورهم رفعًا محمومًا.. ثم شعرنا أننا
بحاجة لرؤيتهم بالفيديو في مقاطع قصيرة فأنشأنا موقع Keek ..وفيه
يصورون أنفسهم في مختلف حالاتهم المزاجية.. كان هذا رائعا يا سيدي.. أنت
لا تدري ماذا أحدثنا بفضلك أيها العظيم.
ثم حدثت الطفرة الثالثة.. الهواتف الذكية.. هواتف مثبتة فيها كاميرات وتحوي
بداخلها كل مخترعاتنا من بريد وبرامج محادثة و فيسبوك وتويتر وإنستجرام
وكل شيء.. وهكذا صار من األسهل على أحدهم أن يستخدم هذه
المكتشفات الرائعة أينما ذهب .. وأدخلنا في هذه الهواتف برنامجًا للمحادثة
أذكى من البرامج القديمة كلها.. برنامج صاروا له عبيدًا.. برنامج سميناه
WhatsApp ..كما أن الكاميرا والمايكروفون الموجودة في تلك الهواتف
تعمل كما كانت تعمل مثيالتها القديمة في الكمبيوتر.. فنحن الآن زرعنا أجهزة
تنصت في جيوبهم بدلًا من غرفهم.





  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب ارض السافلين ♢♢للدكتور ☆ احمد خالد مصطفى ملكة جروح القصص والروايات 51 06-03-2021 08:35 AM
رواية / وإن ماخذيتك بالحلال اول عيالي سميك ..... قطر الندئ القصص والروايات 11 12-30-2020 03:32 PM
رواية روحك خمري الحلال جنة عشق القصص والروايات 6 11-21-2013 10:13 PM
أسطوووووووورة الحذااااااااء للدكتور غازي القصيبي ابو خالد الشعــــــــــــر 14 09-17-2009 05:56 AM
احلى أهداء لعيوين احلى أعضاء الشوق الدافئ التصاميم والجرافيكس 12 03-25-2008 04:29 AM



الساعة الآن 12:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas