المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السُخرية هِيَ أدنَى شَكل مِن أشكَالِ الذَكَاءْ‎


jeddah girl
02-19-2011, 05:36 AM
قَرأتُ تِلكَ المَقولَةُ يَومًا مَا حِينَ كُنتُ أقرأُ مَوضوعًا عَن أسبابِ الإعتِداءِ اللَفظِي المُنَمَّقْ الذِي يُعرَفُ بِ [ الدَقْ ] فِي حَياتِنَا العاَمَّة وَلَكِنْ قَرَّرَتُ كِتابَةَ مَوضوعٍ بِخُصوصِ تِلكَ العِبارَة بِالذَاتْ لِأنَّنِي أعتَقِدُ أنّ بِهَا الكَثيرُ مِن الصِحَّة ، فَالكَثيرَ أصبَحَ يُسِيءُ إستِخدَامَ فَنِّ السُخرِيَة ، فَيَسخَرُ بِطَعمٍ وَ بِلا طَعمْ مِن أيِّ شَيءٍ وَ مِن كُلِّ شَيءْ ، فَقَطْ كَي يُثبِتَ لِلآخَرينْ بِأنَّهُ ذَكِيٌّ فَطِنٌ لَمَّاحْ .

نَأتِي أولًا لِتَعرِيفٍ بَسيطٍ لِلسُخرِيَةِ وَ هَدَفِها وَ أسبابِها ...

- السُخرِيَةُ عِبارَةً عَنْ إنفِعالٍ مُرَكَبٍ مِن ثَلاثَةِ غَرائِزْ كَما حَلَّلها ألفِردْ إدلَر وَ هِيَ الغَضَبْ ، وَ الإنتِقامْ ، وَ الخُضوعْ ، وَ قَدْ قَالَ مُقتَنِعًا بِأنَّهُ لَمْ يَقرأ أيُّ تَعرِيفٍ آخَرٍ لَها إلى الأنْ ، وَ السَاخِرُ هُوَ ذَلِكَ المُتَعالِي بِنَفسِهِ عَن مُجتَمَعٍ أو فَردْ ، دَافِعُه حِقدٌ أو نَقصْ ، غَايَتُه الإنتِقامُ أوَ إخفَاءُ النَقصْ ..

- هَدَفُ السُخرِيَّة كَما هُوَ مُتَعَارَفْ ، النَقدْ أولًا وَ الإضحَاكْ ثَانِيًا ، حَيثُ يَقومُ الكَاتِبُ فِيها بِتَحوير الألفاظِ لِيَقلِبَ المَعنى إلى عَكسِ مَا يَقصِدُهُ حَقيقَةً ، وَ يُصبِحُ قَادِرًا عَلى تَسخِيِّرِ المَواقِفِ لِتَتَمَاشَى مَع رُوحِهِ الرَافِضَةِ لِخَطَأٍ مَا أو التَهَكُّمِ وَ التَنَدُّرِ عَلى سُلوكٍ مُعوَّجٍ فِي وَاقِعِه ، وَ إذَا كَانَ الكَاتِبُ مُتَمَكِّنًا بِمَا فِيهِ الكِفايَةِ مِن لُغَتِهِ وَ أجَادَ عَرضَها فِإنَّها تُصبِحُ سِلاحًا فَتَّاكًا وَ لَكِنَّها أيضًا تَكونُ سِمَةً دَالَةً عَلى اليَأسْ ، فَلا يَملِكُ السَاخِرُ مِن أمرِهِ شَيئًا إلَّا السُخرِيَة .

- مِن أسبابِ السُخرِيَة ، العَداوَةُ بَينَ السَاخِرِ وَ المَسخُورِ ، أو تَعالِي شَخصٍ نَاقِصْ فَيضطَرُ السَاخِرْ أن يَرُدُّه إلى صَوابِهِ وَ مَكانِه ، وَ قَدْ تَكونُ بِسَبَبِ تَعالي وَ غُرورِ السَاخِرِ نَفسَهُ فَلا يَفتأُ يَنتَقِدُ مُجتَمَعهُ وَ أيَّ نَقصٍ أو أيَّ مُفارَقاتٍ يَرَاها فِيه أو فِي أفرادِه ، وَ قَدْ يَكونُ لِشِدَّةِ حَساسِيَّةِ النَاقِدِ نَفسِه فَيَشعُرُ بِنَقائِصِ مُجتَمَعِه وَ يَكونُ ذُو رُوحٍ مَرِحَةٍ ضَاحِكَة فَيَتَناوَلُها بِأسلوبِ السُخرِيَة بِقَصدِ الإصلاحْ وَ الإضحَاكْ وَ كَذَلِكَ التَنفِيسُ عَلى نَفسِهِ وَ غَيرِهِ لِذَلِكَ قَالَ الشَاعِرُ الألمانِي جُوتِه " السُرور يُوَلِّدُ القُوَّة " ، وَ أخيرًا قَدْ يَكونُ بِبَساطَةِ إستِعدادُ السَاخِرِ التَامِ لِلسُخرِيَّةِ مِن النَاسْ بِدونِ أيِّ دَافِعْ فَيكونُ هَذا السَاخِر مَيَّالًا إلى الشَرْ وَ الإغاظَة وَ المُشاكَسَة .


نَأتِي ثَانِيًا لِبَعضْ مُقوِّماتِ السُخرِيَةِ وَ صُورُها وَ أسَالِيبُها ...

- مِن مُقوِّمَاتِ السُخرِيَة قُوَّةَ الأعصَابْ التِي تَحمِلُ فِي طَيَّاتِها رُوحَ اللامُبالاة وَ الإعتِدادِ بِالنَفسِ مُقتَرِنًا بِالزَهو ، وَلا بُدَّ أن يَمتَلِكُ السَاخِرَ مَساحَاتٍ كَبيرَة مِن الخَيالِ الهَازِلِ الذِي يُمَكّنُه مِن إقتِناصِ المَواقِفِ وَ إبتِدَاعِ الصُورِ المُناسِبَةِ التِي تُمَكِّنُهُ مِن إغاظَةِ خَصمِهِ مِن جِهَة وَ إضحَاكِ نَفسِهِ وَ الآخَريِنَ مِن جِهَةٍ أُخرى ، فَمِنْ أكبَر أسباب إرتياحِ السَاخِر مِن نَجاحِ مَفعول السُخرِيَة أنَّها سِلاح أقوى مِن السَبْ وَ الشَتمْ أو الضَرب وَ العِراكْ .

- هُناكَ سُخرِيَة طَبيعيَّة وَ أُخرى مُصطَنَعَة ، فَالطَبيعية تَتَخَلَّقُ فِي الفَردْ وَ فِي الظُروفِ المُحيطَةِ بِه فَينعَكِسُ عَلى طِباعِهِ وَ كَلِمَاتِه وَ ألفَاظِه ، فَيُدرِكُها النَاسْ وَ يَفطَنونَ إلى وُجودِها فِي الشَخصِ بِسُهولَة بِدونِ أيِّ تَعريفْ ، أمَّا تِلكَ المُصطَنَعة فَيَقومُ بِها أشخَاص لَدِيهم الإستِعدَادِ فِي لُغَتِهم أو أشكالِهم وَ لَدِيهم القُدرَةُ على الإرتِجالِ وَ إرسالِ النُكتَة ، وَ يَكونونَ خَفيفِيّ الظِل ، وَ تِلكَ الفِئَة تَنقَسِمُ السُخرِيَة مَعهُم إلى قِسمٍ يَهدِفُ إلى إضحَاكِ النَاسِ فَحَسبْ وَ قِسمٌ يَنتَقِدُهُمْ فِي قَالِبٍ مُضحِكٍ سَاخِرْ وَ يُطلَقْ عَلى هَذَا النَوع التَنَدُّر أو التَهكُمْ أو الإستِهزَاءْ .

- صُور السُخرِيَة كَثيرَة وَ تَختَلِفُ فِيها الأسالِيبْ ، مِنها : السُخرِيَة بِالمُحاكَة فِي المَشي وَ الكَلامْ وَ الحَركاتْ كَنوعٍ مِن التَقليِدْ السَاخِرْ وَ تَكونُ شَخصِيَّة المَسخورِ مِنه كَرِدَاءٍ يَرتَدِيهِ السَاخِرُ فَيَتَمَاجَنْ بِهِ كَيفَمَا يَشَاءْ ، وَ هُناكَ السُخرِيَة بِمَنَادَةِ الألقَابْ وَ هِي مِن أقدَم الصُور السَهلَةِ السَاذِجَة فِي السُخرِيَّة وَ عَكسِ الألقَابْ كَتَلقِيب الفَاسِقِ بِالشَيخ بُغيَةَ السُخرِيَةِ مِنه ، وَ هُناكَ السُخرِيَةُ بِالصَوتْ بِتَغيِّرِهِ وَ تَلوينِ نَبرَتِه إمَّا بِرَفعِهِ أو خَفضِهِ وَ إعطَاءِ الصَوت نَبرَةً خَاصَّة لا يُمكِنْ لِلقَلم إعطَائَها حَقَّها ، وَ غَيرَها الكَثيرْ .


لاحِظْ نَفسَكْ مِن أيِّ السَاخِرينْ أنتْ ، إذَا كُنتَ دَائمًا سَاخِرًا فِي كُلِّ إجابَةٍ عَلى أيِّ سُؤالْ وَ فِي كُلِّ رَدٍّ عَلى كُلِّ شَخصْ ، فَأنتَ ذكي و لكن في مرتبه متدنيه جدًا مِن الذَكاءْ ، لِأنَّ السُخرِيَّةُ الدائمَة مِن كُلِّ شَيءٍ سِمَةُ اليائِسينْ الحَاقِدينَ عَلى حَالِهمْ الَّذِينَ يُعانُونَ نَقصًا يُخفونَهُ خَلفَ عَبائَةِ السُخرِيَّة ، وَ إذَا كُنتَ ذَكيًا بِحَقْ فَسَتملِكُ مِن الفِطنَةِ مَا يَكفِي لِإدراكِ الوَقتِ المُناسِبْ وَ المَوضوعِ المُناسِبْ لإرتِداءِ تِلكَ العَبائَة .

المَرجِعْ / كِتابْ السُخريَة فِي الأدب العربي حَتى نِهاية القرنِ الرابعِ الهِجري ، حَقيقَةً مِن أجمِلِ الكُتبِ التِي قرأتْ .. هَاكُمْ رابِطَ التَحميلْ أنصَحُكُمْ بِقرائَته قَدْ يَكون بِهِ نَقصْ فَهو كِتاب إلكترونِي لِذَا عُذرًا .


http://arabsh.com/jslbqqnqwomf.html

ابو خالد
02-19-2011, 06:31 AM
مِن مُقوِّمَاتِ السُخرِيَة قُوَّةَ الأعصَابْ التِي تَحمِلُ فِي طَيَّاتِها رُوحَ اللامُبالاة وَ الإعتِدادِ بِالنَفسِ مُقتَرِنًا بِالزَهو

موضوع في غاية الجمال ويحمل معلومات قيمه

وهذه مشكله يعاني منها الكثير

لك الشكر على جميل طرحك

تقبلي تحيتي

صمتي ذبحني
02-19-2011, 07:00 AM
يعطيك العافيه على الطرح مشكورهـ

ذبحني غلاك
02-19-2011, 05:53 PM
الله يعطيك العافيه ع طرحك
الرائع والمميز لاعدمناك
مودتي
ذبحني غلاك}~

واتنفسك حلم
02-19-2011, 10:19 PM
طرح موفق غاليتي اختاره لنا عقلك المطهر بنقاء قلبك

يعطيك العافية غلاتي

لاعدمناك

سهم
02-20-2011, 04:35 AM
لاحِظْ نَفسَكْ مِن أيِّ السَاخِرينْ أنتْ ، إذَا كُنتَ دَائمًا سَاخِرًا فِي كُلِّ إجابَةٍ عَلى أيِّ سُؤالْ وَ فِي كُلِّ رَدٍّ عَلى كُلِّ شَخصْ ، فَأنتَ ذكي و لكن في مرتبه متدنيه جدًا مِن الذَكاءْ ، لِأنَّ السُخرِيَّةُ الدائمَة مِن كُلِّ شَيءٍ سِمَةُ اليائِسينْ الحَاقِدينَ عَلى حَالِهمْ الَّذِينَ يُعانُونَ نَقصًا يُخفونَهُ خَلفَ عَبائَةِ السُخرِيَّة ، وَ إذَا كُنتَ ذَكيًا بِحَقْ فَسَتملِكُ مِن الفِطنَةِ مَا يَكفِي لِإدراكِ الوَقتِ المُناسِبْ وَ المَوضوعِ المُناسِبْ لإرتِداءِ تِلكَ العَبائَة .
طرح مفيد ورايع لا عدمانك نتضر جديدك

روعة الاحساس
02-20-2011, 10:38 PM
الله يعطيك العافية
انتقاء يصب في إناء التمييز
كنتِ رآئعة
دمتي بكل خير

jeddah girl
02-21-2011, 03:48 AM
اشكر جميع من قام بالرد على طرحي
واحمد الله على نيله إعجابكم
وترقبو مني المزيد باذن الله}~

لهفة شوق
03-01-2011, 11:56 AM
يع‘ــطيك ربي الع‘ــوافي


وماننح‘ــرم من ج‘ــديدك


اطيب التح‘ــايا لسموك ..~


|| لهفة شوق ||

لورانس
03-04-2011, 02:41 AM
يعطيك العافيه على الطرح الرائع
ولك كل الود
ودمتى بحفظ الرحمن.