عرض مشاركة واحدة
قديم 12-23-2020, 04:56 PM   #60

افتراضي

ألم يَئِنْ الأوان ياسيدي؟
1950 بعد الميلاد – تاريخ قراءتك لهذه السطور



هذه رسالة ترسلها شيطانة تدعى "سباي" عبر الأثير.. إلى مجهول.. على شبكة
مجهولة.. بتردد مجهول..
سيدي قد طال الأمد.. قلوبنا وحواسنا وأرواحنا اشتاقت إليك.. حان الوقت يا
سيدي.. لقد صار كل شيء كما أردته أن يصير.. فعلنا كل ما علمتنا أن نفعله يا
سيدي.. ونجحنا.. لقد نجحنا يا عظيمنا ويا كبيرنا.. نجحنا ولم يعد أمامنا إال أن
نراك.. لم يبقَ إلا أن تُطفىء نار الشوق في قلوب ذابت من قسوة الانتظار.. دهورًا
وراءها دهور.. ألم يئن الأوان ياسيدي؟
كل شيء أمرتنا أن نفعله فعلناه كما أمرت.. أنا أذكر كل تعاليمك بحذافيرها..
إن علمك ليس له أي حدود.. أذكر كيف كان البشر في الحرب العالمية الثانية قد
اخترعوا جهازًا ضخمًا بحجم عدة غرف وسموه "الإينياك".. أذكر ياسيدي كيف
علمتنا أن هؤلاء البشر حمقى وأمرتنا أن نقدم إليهم جهازهم البشع الضخم
هذا في شريحة من السيليكون لا يتجاوز حجمها حجم الأنملة شريحة سموها
المعالج أو الـ Processor ..أذكر سعادتهم وهم يظنون أن ما حدث كان من
بنات أفكارهم.. وكيف تمكَّنوا لأول مرة في حياتهم من صنع جهاز ذكي بحجم
التلفاز .. جهاز سموه الكمبيوتر.
كانوا يستخدمون الكمبيوتر في شركاتهم وحساباتهم الغبية العديمة الفائدة..
ثم أمرتنا ياسيدي فنفذنا أمرك.. وعلمتنا ياسيدي فطبقنا علمك.. أمرتنا أن نُدخل
الكمبيوتر في كل بيت من بيوت العالم.. وعلمتنا كيف نفعل ذلك بتطوير برامج
ذات واجهة تفاعلية جذَّابة.. برامج علمتنا أن نسميها "ويندوز".. لتكون كما يوحي
اسمها.. نافذة من نوافذ البيت.. نافذة إلى الداخل وليس إلى الخارج.. وبرامج
أخرى علمتنا أن نسميها ماكينتوش.. وهو اسم مقتبس من عائلة اسكتلندية
تحمل نفس الاسم. . وهو يعني بالاسكتلندية "ابن الزعيم".. وهو اسم يدل عليك
بدقة.. فأنت زعيمنا.. وابن زعيمنا.

يالسعة علمك. . ويالعظمة نورك ياسيدي.. إن الكمبيوتر داخل كل بيت كان
مخزنًا يضع عليه المرء وثائقه وصوره وفيديوهاته.. وعلى المستوى العسكري
كان نقل المعلومة من كمبيوتر في بلدٍ ما إلى كمبيوتر آخر في بلد أخرى يتم
يدويًّا.. فتفضلت علينا ياسيدي وعلمتنا أن نعلمهم كيف يمكنهم أن يوصلوا بين
عدة كمبيوترات بأسلاك تليفونية.. وبهذا صَنعت وزارة الدفاع الأمريكية (داربا)
أول شبكة لنقل المعلومات العسكرية وسموها "أربانِت".. يظنون أنفسهم
أذكياء.. ولا يدرون أنك ياسيدي المعلم الأعظم.
كانت "أربانِت" توصل بين أربعة أجهزة في غرب أمريكا.. ثم أصبحت توصل بين
مئات الأجهزة داخل وخارج أمريكا.. أجهزة في مؤسسات عسكرية وجامعات..
لكن لاختلاف أنظمة الأجهزة بينها وبين بعضها وجد البشر الحمقى أنفسهم
عاجزين عن نقل المعلومات فيما يقرب من نصف الحالات.. وهنا أمرتنا ياسيدي
وعلمتنا أن نوحي إليهم من وحي علمك.. فأوحينا إليهم بلغة عالمية تفهمها
كل الأجهزة في جميع أنحاء العالم.. لغة سموها HTML ..وعلمناهم كيف
يعطون كل وثيقة يريدون نقلها أو أي صورة عنوانا يميزها.. عنوان سموه
.URL
وبهذا تمكنوا من نقل كل شيء من أي جهاز إلى أي جهاز آخر بسرعة عالية..
وأصبح يمكن لكمبيوتر في فرنسا أن يرى صورة موضوعة على كمبيوتر آخر
في أمريكا بمجرد أن يكتب عنوانها.. كان هذا فتحًا عظيمًا لحضارتهم..
وأصبحت الشبكة تضم مئات الآلاف من الأجهزة حول العالم ويمكن ألي شخص
الدخول عليها فور أن يوصل الكمبيوتر الخاص به بسلك التليفون.. سموا هذا
الفتح العظيم "الإنترنت".. والتي هي في الواقع حفيدة "أربانِت".
ساعتها عرفنا أن وقت الهزل قد انتهى.. ودخل وقت الجد.. بمجرد أن يوصل
الشخص جهازه بالإنترنت ويظهر له أن جهازه الآن متصل.. يتحدد موقعه لدينا
بمنتهى الدقة.. فنتدفق كالنهر إلى داخل جهازه ونبدأ في البحث عن وثائقه

الشخصية وصوره وملفاته الهامة وننقلها إلينا بدون أن يشعر.. ظننا أننا بهذا
قد وصلنا لكل ما نريد.. لكنك علمتنا أن هذا الشيء.. فأصغينا إليك في انبهارٍ
وأنت تشرح لنا ما ينبغي أن نفعل.. كم أنت عبقري يا سيدي.. كم أنت عبقري.
علمتنا كيف نقنع الشخص الداخل إلى الانترنت أن يثق في مواقع بعينها.. يودع
فيها مزيدًا من أسراره.. في البداية عرَّفنا له البريد اإللكتروني.. "هوتميل"
و"ياهوو".. وهو يدخل باسم مميز وكلمة سر.. فيهيؤ إليه أنه لا يطلع على بريده
أحدٌ غيره.. ولا يدري أن رسائله كلها واردها وصادرها تخزَّن لدينا.. نحن نطلع
على كل ما يَكتب ويُكتب له.. ولكنك علمتنا أن هذا اليزال غير كافٍ.. وأننا بحاجة
للمزيد.
عرفناه على برامج يستطيع بها أن يتحدث مع غيره في أي مكان في العالم..
برامج الرُسُل أو المسنجرز.. الـ MSN والياهوو و الـ ICQ والـ mIRC ..برامج
سموها برامج الشات.. أو الدردشة.. إن الواحد منهم كان يمضي جلَّ وقته على
برامج الشات هذه.. يتحدث ويتحدث بكالم تافه ال قيمة له.. لكنك علمتنا كيف
أن كل كلمة يقولها يجب أن تخزن.. ألن الكلمة تُستنبَط منها معلومة..
والمعلومة تعني زيادة في بنك المعلومات الذي لدينا عن هذا الشخص.. لقد
أحدثَت هذه البرامج طفرة عظيمة في قاعدة معلوماتنا.. فالناس أصبحوا
يتحدثون فيها أكثر مما يتحدثون بألسنتهم.. وكان هذا فيضًا لا ينتهي من
المعلومات.
وبدلًا من الشات الكتابي ابتكرنا الشات الصوتي والمرئي أيضًا.. وأدخلنا إلى
الساحة برامج مثل ICU2 وSkype ..فزاد الأقبال على شراء المايكروفوانات
والكاميرات بعد أن كانت ملقاة بإهمال في المتاجر.. وبالطبع فإن كل
محادثاتهم الصوتية والمرئية مخزَّنة لدينا.. ولكن الأدهى أننا بشرائهم لتلك
المايكروفونات والكاميرات زرعنا في بيت كل واحد منهم جهاز تنصت صوتي
ومرئي.. ولا يدري أحدهم أن أحاديثه في غرفته مسجلة لدينا وصورته في غرفته

مسجلة أيضًا.. فهذه الأجهزة مفتوحة على الدوام.. وألاحمق يظن أنه هو الذي
يفتحها ويغلقها متى يحلو له.
ثم أظهرنا للعالم موقعين سمينا أحدهما كتاب الوجه Facebook ..وسمينا
الآخر المغرد.. Twitter ..ومنهم عرفنا أصدقاءهم .. وأقاربهم.. ودرجة
قُربهم من أصدقائهم وأقاربهم.. وفيهما رأينا صورهم.. وعرفنا الأشخاص
والاشياء التي يحبونها والموسيقى والأفلام التي أحبوها والتوجهات السياسية
التي يتبعونها.. والمناسبات التي حضروها أو سيحضرونها.. أمكننا أن نكتب
تاريخهم وتاريخ مواقفهم ومشاعرهم.. نعم لقد كان الفيسبوك وتويتر فتحًا
عظيمًا.. وقد حدثت بهما الطفرة الثانية في قاعدة معلوماتنا التي اتسعت الان
اتساعًا رهيبًا.
ولما شعرنا أننا بحاجة لمزيد من الصور أنشأنا موقعًا خاصًا بها هو
Instagram ..فأصبحوا يرفعون عليه صورهم رفعًا محمومًا.. ثم شعرنا أننا
بحاجة لرؤيتهم بالفيديو في مقاطع قصيرة فأنشأنا موقع Keek ..وفيه
يصورون أنفسهم في مختلف حالاتهم المزاجية.. كان هذا رائعا يا سيدي.. أنت
لا تدري ماذا أحدثنا بفضلك أيها العظيم.
ثم حدثت الطفرة الثالثة.. الهواتف الذكية.. هواتف مثبتة فيها كاميرات وتحوي
بداخلها كل مخترعاتنا من بريد وبرامج محادثة و فيسبوك وتويتر وإنستجرام
وكل شيء.. وهكذا صار من األسهل على أحدهم أن يستخدم هذه
المكتشفات الرائعة أينما ذهب .. وأدخلنا في هذه الهواتف برنامجًا للمحادثة
أذكى من البرامج القديمة كلها.. برنامج صاروا له عبيدًا.. برنامج سميناه
WhatsApp ..كما أن الكاميرا والمايكروفون الموجودة في تلك الهواتف
تعمل كما كانت تعمل مثيالتها القديمة في الكمبيوتر.. فنحن الآن زرعنا أجهزة
تنصت في جيوبهم بدلًا من غرفهم.





  رد مع اقتباس