عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2021, 05:14 PM   #38

افتراضي


أحد ليفكر لك به ثم يعيده إليك.. أنت الذي تفكر.. قد تخطئ و قد تصيب لكنك
تفكر في النهاية.. تفكر لأنك إنسان..
لست فردا من قطيع.. لاحت ابتسامــــــة على
شفتيك و أنت تضع القناع على وجهك.. و
لما وضعته اختلفت أشياء كثيرة.
كل
شيء اختلف لما وضعته على وجهك.. كل الذين كانوا حولك لم يعد لهم
وجود كأنهم تبخروا إلى السماء.. أين أليكساندريا الجميلة؟ والدكتور هال
بنظارته الصغيرة التي يعدلها كل حين؟ حتى المكان الذي كنت فيه معهم تغير..
أصبحت الآن وحدك في غرفة مغلقة عليك..
نظرت حولك ببطء يائس باحثا
عنهم في الغرفة الصغيرة.. لكنك لم تجد
أحدا بالطبع.. أين مصـ...
ّ "لا
تضيع سيل أفكارك.. اخرج من هنا".
اتسعت عيناك في رعب حقيقي..

من الذي قال هذا؟ لم يكن هذا صوتا
سمعته أذناك.. كان يبدو كصوت يسمعه عقلك.. بطريقة يصعب أو يستحيل
شرحها.. ثم اطمأن قلبك بعد دقائق.. نعم لا بد أن الوحدة جعلتك تهذي.
غرفة
كئيبة صغيرة خالية من أي شيء إلا تلفزيونا صغيرا قديم الطراز

موضوعا في مكان متوسط في الغرفة.. و طشت ماء صغيرا موضوعا في إحدى الزوايا..
وهناك باب للغرفة و نافذة متهالكة مغلقة.. أين أنتم يا أصحاب الأقنعة؟
ألم تقل لك أليكساندريا أنها لن تتركك وحدك؟ ها أنت الآن محبوس وحدك في

عالم ندمت أنك دخلته يوما.. حتى صاحبك الذي دخلت معه قد مات.
"مازلت تضيع مزيدا من الوقت في أفكار عاطفية لا تقدم و لا تؤخر.. هذه
الغرفة غير مريحة..

اخرج منها حالا".
ارتفعت دقات قلبك مرة أخرى.. إن هذا الصوت يتحدث و يعاتب.. ليس
مجرد هذيان.. هل مت؟ هل هذا هو الموت؟ لكن معلوماتك عن الموت ليست

هكذا أبدا.. توجهت ببطء ناحية الباب.. قدماك خائفتان حقا وقد أصبحتا
تحملان قلبك الذي يبدو أنه سقط فيهما..
فتحت الباب ببطء فضربت لفحة
شديدة من الهواء وجهك و ملابسك و جعلتك تتراجع خطوتين إلى الوراء.. أي
جحيم هذا بالضبط؟! لاحظت أن الباب وراءه قضبان حديدية سميكة.. و المنظر
الذي تطل عليه هو لا شيء.. فقط هواء عاصف غاضب.. بشيء من الجهد
أغلقت الباب مرة أخرى.. وتوجهت إلى النافذة المتهالكة ففتحتها.. نفس القضبان..
و نفس المنظر.. و نفس الهواء.. اللعنة على هذا العالم.
"إنها أرض الإعلام.. لا بد أن الحل في التلفزيون إذا.. تعامل مع التلفزيون".

ذلك الصوت اللعين.. نظرت بتلقائية ناحية التلفزيون.. ثم ذهبت بتوتر
ووقفت أمامه و أخذت تبحث بعينك عن الزر الذي يشغله.. لم يكن إيجاده

صعبا فهو من طراز قديم حيث كل شيء كان كبير الحجم.. فتحت التلفزيون..
تشويش من النوع الذي يشي باقتراب تحسن الصورة.. مرت بعض الثواني وأنت

تنظر إلى الشاشة محاولا معرفة الصورة التي وراء هذا التشويش.. حتى تحسنت
و تعدلت و اتضحت ورأيتها.
كانت الشاشة تعرض تقريرا إخباريا من قناة أمريكية ما.. وصورة صدام
حسين على يمين الشاشة و صورة "بن لادن" على يسارها.. و المذيع في المنتصف
يقول: لقد وردتنا أنباء هامة مفادها أن الحكومة الأمريكية قد وجدت أدلة من
النوع الثقيل تكشف وجود علقة قوية بين العراق وبين تنظيم القاعدة.. أوردها
اليوم "ديك تشيني" نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
احتلت منتصف الشاشة صورة ديك تشيني فأصبحت تتوسط صورة صدام
و"بن لادن".. قال تشيني: "إن العلاقة قديمة بين صدام وتنظيم القاعدة من أيام
التسعينات، ولقد أخبرنا صديقنا وزير الدفاع التشيكي اليوم أن محمد عطا قائد
عملية 11 سبتمبر قد تقابل مع أحد ضباط المخابرات العراقيين الكبار في براغ
عاصمة التشيك.. قبل خمسة أشهر فقط من ضربات سبتمبر".
ثم اختفت صورة ديك تشيني و حلت محلها صورة لرجل ملتح.. قال المذيع:
و لقد تأكدت هذه الأدعاءات بعد تعاون أحد أفراد تنظيم القاعدة المهمين و اسمه
ابن الشيخ الليبي.. اعترف الليبي أن صدام حسين كان يدرب العديد من عناصر
تنظيم القاعدة و أنه كان يزود القاعدة بأسلحة من النوع الخطر جدا.. أسلحة
بيولوجية و كيميائية.. أسلحة دمار شامل.. أسلحة من النوع الذي يقضي على
قرى كاملة.. ولقد صرح عدة مسؤولين في الحكومة الأمريكية عن تخوفهم من أن
تكون الهجمة القادمة على الولايات المتحدة هجمة نووية أو بيولوجية.. وهذه لن
يكون ضحاياها باآلالف.. بل بالملايين.
بأن هذا ممكن ولكن..
صدام حسين يدرب القاعدة؟ حدثتك نفسك لثوان
"هؤلاء الكذابين الأفاعي.. يريدون أن يشرعوا لأنفسهم غزو العراق.. لا بد أن
أدلتهم هذه ملفقة".
لم تدري أين تنظر لتجد صاحب هذا الصوت.. من هذا الذي يتحدث؟
"ألم تعرف بعد من أنا؟"





  رد مع اقتباس