العودة   منتديات جروح > ©§¤° الاقسام العامة °¤§©¤ > الاسلامي

الاسلامي يختص بالمواضيع الاسلامية والدينية ...

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم يوم أمس, 04:06 AM   #1


مواقيت الصلوات

الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: وَقْتُ الظُّهْرِ

قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: [فَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ فَيْئَهُ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ. وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ، إِلَّا فِي شِدَّةِ حَرٍّ، وَلَوْ صَلَّى وَحَدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْمٍ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً. وَيَلِيهِ وَقْتُ الْعَصْرِ إِلَى مَصِيرِ الْفَيْءِ مِثْلَيْهِ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ، وَالضَّرُورَةُ إِلَى غُرُوبِهَا، وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا. وَيَلِيهِ وَقْتُ الْمَغْرِب إِلَى مَغِيبِ الْحُمْرَةِ، وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا إِلَّا لَيْلَةَ جَمَعٍ لِمَنْ قَصَدَهَا مُحْرِمًا. وَيَلِيهِ وَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ الثَّانِي، وَهُوَ: الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ. وَتَأْخِيرُهَا إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ إِنْ سَهُلَ. وَيَلِيهِ وَقْتُ الْفَجْر إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ].


هُنَا شَرَعَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله فِي تَفْصِيلِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ.

وَسَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: وَقْتُ الظُّهْرِ:
وَالْكَلَام هُنَا فِي مَسَائِل:
الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: وَقْتُ الظُّهْرِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (فَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ فَيْئَهُ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ). أَي: يَبْدَأُ وَقْتُ الظُّهْرِ: مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ - أَي: زَوَالَهَا إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ - إِلَى أنْ يَصِيرَ ظلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ فَيْءِ الظِّلِّ، وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُهَا إِلَى مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ الشَّاخِصِ - أَي: الْوَاقِفِ - فَيْئَهُ - أَي: ظِلَّهُ - بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ، أَي: بَعْدَ الظِّلِّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.

قَالَ ابْنُ عُثَيْمِيْنَ رحمه الله: " فَقَوْلُهُ: (مُسَاوَاةُ الشَّيْءِ فَيْئَهُ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ) وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعْتْ صَارَ لِلشَّاخِصِ ظِلٌّ نَحْو الْمَغْرِبِ ـ وَالشَّاخِصُ الشَّيْءُ الْمُرْتَفِعُ ـ ثُمَّ لَا يَزَالُ هَذَا الظِلُّ يَنْقُصُ بِقَدْرِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ فِي الْأُفُقِ حَتَّى يَتَوَقَّفَ عَنِ النَّقْصِ ، فَإِذَا تَوقَّفَ عَنِ النَّقْصِ، ثُمَّ زَادَ بَعْدَ تَوقُّف النَّقْصِ وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً، فَهَذَا هُوَ الزَّوَالُ، وَبِهِ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ"[1].

وَقَالَ أَيْضًا: "أَمَّا عَلَامَةُ الزَّوَالِ بِالسَّاعَةِ؛ فَاقْسِمْ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا نِصْفَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الزَّوَالُ؛ فَإِذَا قدَّرْنَا أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، وَتَغِيبُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ؛ فَالزَّوَالُ فِي الثَّانِيَةِ عَشْرَةَ"[2].

أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ مِنَ الزَّوَالِ، وَيَسْتَمِرُّ إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ:
- فَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه -وَقَدْ سَبَقَ- وَفِيَهِ: «وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ»[3]، وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ.

- وَحَدِيثُ جَابِرٍ رضي الله عنه فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ عليه السلام لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي يَوْمَيْنِ؛ حَيْثُ جَاءَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: «قُمْ فَصْلِّ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ جَاءَهُ فِي الْغَدِ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ: قُمْ فَصْلِّ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي: مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ وَقْتٌ».

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَنَّ الإِمَامَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: "أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْمَوَاقِيتِ: حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "[4].

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَفْضِيل تَقْدِيم صَلَاة الظُّهْر:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَل).

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، وَأَمْثَالُهَا مِنَ الْآيَاتِ.

- وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ لِمِيقَاتِهَا»[5]، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»[6].

- وَلِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِالصَّلَاةِ وَتَعْجِيلَهَا أَسْرَعُ إِلَى إِبْرَاءِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْرِي مَاذَا يَعْرِضُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ.
فَائِدَةٌ:
وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ التَّعْجِيلِ: بِالتَّأهُّبِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، قَالَهُ فِي (الرَّوْضِ)[7] ؛ فَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ: بِالِاشْتِغَالِ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ؛ كَطَهَارَةٍ وَأَذَانٍ وَسَتْرٍ وَنَحْوهِ[8].

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: تَأْخِير الصَّلَاة فِي شدَّة الحرِّ:
وَهَذِهِ ذَكَرهَا بِقَوْلِهِ: (إلَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ).

قَالَ الْبُهُوتِيُّ فِي (الرَّوْضِ): "فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إِلَى أَنْ يَنْكَسِرَ"[9].

قَالَ ابْنُ قَاسَمٍ رحمه الله: "يَعْنِي: الحرَّ، وَيَتَّسِع الظِّلّ فِي الْحِيطَان"[10].

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ[11].

- وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَال: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ المُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبْرِدْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ؛ حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ[12].

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رحمه الله: "قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: الْإِبْرَادُ: أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ قَلِيلًا بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ يَمْشِي فِيْهِ الْقَاصِدُ إِلَى الصَّلَاةِ؛ فَيُصَلِّي فِي آخَرِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَلَا يُجَاوِزُ بِالْإِبْرَادِ نِصْفَ الْوَقْتِ"[13].

وهناك رَأْي آخَر: وَهُوَ أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِبْرَادُ: هُوَ أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ مُضَافًا إِلَيْهِ فَيْءُ الزَّوَالِ، يَعْنِي: أَنَّهُ قُرْبُ صَلَاةِ الْعَصْرِ.

وَنَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عُثَيْمِيْنَ رحمه الله، وَقَالَ: "أَصَحُّ شَيْءٍ أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ مُضَافًا إِلَيْهِ فَيْءُ الزَّوَالِ، يَعْنِي: أَنَّهُ قُرْبُ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِبْرَادُ، أَمَّا مَا كَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ مِنْ قَبْلُ، حَيْثُ يُصَلُّونَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمسِ بِنَحْو نِصْفِ سَاعَةٍ أَوْ سَاعَةٍ، ثُمَّ يَقُولُونَ: هَذَا إِبْرَادٌ. فَلَيْسَ هَذَا إِبْرَادًا! هَذَا إِحْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْحَرَّ يَكُونُ أَشَدَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ الزَّوالِ بِنَحْوِ سَاعَةٍ. فَإِذَا قَدَّرنا مَثَلاً أَنَّ الشَّمسَ فِي أَيَّامِ الصَّيفِ تَزُولُ عَلَى السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ عَشْرَةِ، وَأَنَّ الْعَصْرَ عَلَى السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ وَالنّصفِ تَقْرِيبًا، فَيَكُونُ الْإِبْرَادُ إِلَى السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ تَقْرِيباً"[14].

فَائِدَةٌ: الْحِكْمَةُ مِنَ الْإِبْرَادِ:
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ رحمه الله: "وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِه أُمِرَ بِالْإِبْرَاد: فَمِنْهُم مِنْ قَالَ: هُوَ حُصُولُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاة؛ فَإِنَّ الصَّلَاة فِي شِدَّةِ الْحَرِّ كَالصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ، وَكَصَلَاةِ مَنْ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ، فَإِنَّ النُّفُوسَ حِينَئِذٍ تَتُوقُ إِلَى الْقَيْلُولَةِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُصَلِّي وَحَدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: هُوَ خَشْيَةُ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَنْ بَعُدَ مِنَ الْمَسْجِدِ بِمَشْيِه فِي الْحَرِّ، وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَصُّ الْإِبْرَادُ بِالصَّلَاةِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي تُقْصَدُ مِنَ الْأَمْكِنَةِ الْمُتَبَاعِدَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ وَقْتُ تَنَفُّسِ جَهَنَّمَ"[15].

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هَلْ تُؤخَّرُ صَلَاةُ الظُّهْرِ مُطْلَقًا أَمْ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَقَطْ؟
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ صَلَّى وَحَدَهُ). أَي: تُؤخَّرُ الصَّلَاةُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِشَدَّةِ الْحَرِّ مُطْلَقًا، هَذَا مَا قرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا تَؤَخَّرُ لِشَدَّةِ الْحَرِّ مُطْلَقًا.

وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ رحمه الله، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ[16]، وَاخْتَارَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي (الْمُغْنِي)، وَرَجَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ[17].

وَاسْتَدَلُّوا بظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ»[18]، وَهَذَا عامٌّ، وَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رحمه الله: "أَهْلُ الْحَدِيثِ يَسْتَحِبُّونَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي الْجُمْلَةِ؛ إلَّا حَيْثُ يَكُونُ فِي التَّأْخِيرِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ؛ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ؛ فَيَسْتَحِبُّونَ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ فِي الْحَرِّ مُطْلَقًا؛ ‌سَوَاءٌ‌كَانُوا‌مُجْتَمِعِينَ‌أَوْ‌مُتَفَرِّقِينَ ، وَيَسْتَحِبُّونَ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ مَا لَمْ يَشُقَّ، وَبِكُلِّ ذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَنُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا دَافِعَ لَهَا، وَكُلٌّ مِنَ الْفُقَهَاءِ يُوَافِقُهُمْ فِي الْبَعْضِ أَوِ الْأَغْلَبِ"[19].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُؤخَّرُ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَقَطْ.

وَهَذَا أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ؛ كَابْنِ قُدَامَةَ فِي (الْمُقْنِعِ)، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ[20].

قَالُوا: لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِيَنْكَسِرَ الْحَرُّ، وَيَتَّسِعَ فَيْئُ الْحِيطَانِ، وَيَكْثُرَ السَّعْيُ إِلَى الْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا مَنْ لَا يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ: فَلَا حَاجَةَ بِه إِلَى التَّأْخِيرِ[21].

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: حُكْمُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ مَع وُجُودِ الْغَيْمِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (أَوْ مَعَ غَيْمٍ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً). "أَي: وَيُسْتَحَبُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ مَعَ وُجُودِ غَيْمٍ إِلَى قَرِيْبِ وَقْتِ الْعَصْرِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ يُخَافُ فِيْه الْمَطَرُ وَالرِّيحُ؛ فَطَلَبَ الْأَسْهَلَ بِالْخُرُوجِ لَهُمَا مَعًا"[22].

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مَع وُجُودِ الْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَقَطْ.

وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ[23].

الْقَوْلُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مَع وُجُودِ الْغَيْمِ؛ سَوَاء صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا.

وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قَالَ الْمِرْدَاوِيُّ فِي (الْإِنْصَافِ): "قَالَ الْمَجْدُ فِي (شَرْحِهِ): ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: أَنَّ الْمُنْفَرِدَ كَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً...، قُلْتُ: وَهَذَا ضَعِيفٌ"[24].

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْغَيْمِ.

وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ[25]، حَيْثُ قَالَ في المغني: "مَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ بِاجْتِهَادِهِ: اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ رحمه الله إِنَّمَا أَرَادَ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ لِيَتَيَقَّنَ دُخُولَ وَقْتِهَا، وَلَا يُصَلِّي مَعَ الشَّكِّ"[26].

وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ: الْقَوْلُ الثَّالِثُ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُبَادَرَةِ بِالظُّهْرِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ.

تَنْبِيهٌ: الأوقات التي يستحب فيها تعجيل الظهر:
قَالَ فِي (الْإِنْصَافِ): "يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ الحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْغَيْمِ: الْجُمُعَةُ؛ فَإِنَّهَا لَا تَؤخَّرُ لِذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُ تَعْجِيلُهَا مُطْلَقًا؛ قَالَهُ الْأَصْحَابُ"[27]. وَقَالَ ابْنُ قَاسَمٍ رحمه الله: "فَلا يُؤَخِّرُهَا فِي حَرٍّ أَوْ غَيْمٍ إِجْمَاعًا؛ لِحَدِيثِ: «مَا كُنَّا نَقِيلُ، وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ»[28]"[29].





  رد مع اقتباس
قديم يوم أمس, 10:47 AM   #2

افتراضي

جزاك الله خيرا
ورزقك من حيث لا تحتسبين اللهم آمين





  رد مع اقتباس
قديم اليوم, 12:45 AM   #3

افتراضي

ابو خالد
اللهم أمين
اسعدني مرورك بمتصفحي لاخلا ولا عدم





  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



الساعة الآن 01:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas